الصبر : خصيصةٌ ÙØ§Ø¶Ù„Ø© ÙŠÙØ¹Ø¬ÙŽØ¨ بها الناس ويجلّونها , ويÙكْبرون ØµØ§ØØ¨Ù‡Ø§ , ويتمنّون أنّها Ùيهم , ولكن قليلٌ هم الذين ÙŠØØ¸ÙˆÙ† بها .
والصبر : خلقٌ ينطوي على معان٠سامية٠رÙيعة , منها : الإيمان بالله , والتسليم لقضاء الله , والرضا بأمر الله , والشكر على ما يريده ÙˆÙŠØØ¨Ù‘Ù‡ الله . كما يعبّر عن قوّة الجَنان , ÙˆØ±Ø¬Ø§ØØ© العقل , وثبات القلب , واطمئنان Ø§Ù„Ù†ÙØ³ وهدوئها , ويشير إلى الزهد ÙˆØØ³Ù† التوكّل على الله , والثقة به Ø³Ø¨ØØ§Ù†Ù‡ وتعالى , والتصديق بوعده وهو القائل : { ÙŠÙÙˆÙŽÙÙ‘ÙŽÙ‰ Ø§Ù„ØµÙ‘ÙŽØ§Ø¨ÙØ±Ùونَ أَجْرَهÙمْ Ø¨ÙØºÙŽÙŠÙ’ر٠ØÙسَابÙ} [الزمر : 10] .
ÙˆÙÙŠ تعري٠الصبر قال علماء الأخلاق : هو ضدّ٠الجزع , وهو ثبات Ø§Ù„Ù†ÙØ³ , أو هو Ø§ØØªÙ…ال المكاره من غير جزع , أو هو قسر Ø§Ù„Ù†ÙØ³ على مقتضيات الشرع والعقل Ø› أوامرَ ونواهي .
ÙˆÙÙŠ الرواية قال جبرئيل (عليه السّلام) ÙÙŠ ØªÙØ³ÙŠØ± الصبر : تصبر ÙÙŠ الضرّاء كما تصبر ÙÙŠ السرّاء , ÙˆÙÙŠ Ø§Ù„ÙØ§Ù‚Ø© كما تصبر ÙÙŠ الغنى , ÙˆÙÙŠ البلاء كما تصبر ÙÙŠ العاÙية , Ùلا يشكو ØØ§Ù„ÙŽÙ‡ عند المخلوق .
ÙˆÙÙŠ رواية : Ùلا يشكو خالقه عند المخلوق بما يصيبه من البلاء .
ÙˆÙÙŠ بيان أنواع الصبر قال رسول الله (صلّى الله عليه وآله) : (( الصبر ثلاثة Ø› صبرٌ على المصيبة , وصبرٌ على الطاعة , وصبرٌ عن المعصية ))(1) .
وقال أمير المؤمنين (عليه السّلام) : (( الصبر صبران Ø› صبرٌ عند المصيبة , ØØ³Ù†ÙŒ جميل , ÙˆØ£ØØ³Ù† من ذلك الصبر عند ما ØØ±Ù‘Ù… الله عليك ))(2) . وعنه (سلام الله عليه) أيضاً قال : (( الصبر صبران Ø› صبرٌ على ما تكره , وصبرٌ عمّا ØªØØ¨Ù‘ ))(3) .
والصبر يوØÙŠ Ø¨Ø£Ù†Ù‘ÙŽ هناك صراعاً ومقاومة , وقتالاً وغلبة , أو أنَّ هنالك طرÙَين٠متنازعين , وهناك نتيجة , والصبر هو الذي ÙŠØØ¯Ù‘د النتيجة . قال الإمام عليّ (عليه السّلام) : (( الإيمان على أربع دعائم Ø› على الصبر , واليقين , والعدل , والجهاد . والصبر منها على أربع شعب Ø› على الشوق , والشÙÙ‚ , والزهد , والترقّب Ø› Ùمن اشتاق إلى الجنّة سلا عن الشهوات , ومَن أشÙÙ‚ من النار اجتنب عن Ø§Ù„Ù…ØØ±Ù‘مات , ومن زهد ÙÙŠ الدنيا استهان بالمصيبات , ومن ارتقب الموت سارع إلى الخيرات ))(4) .
والصبر ليس تØÙ…ّلاً ÙˆØØ³Ø¨ , إنّما هو شكرٌ وتسليمٌ لله (جلّ ثناؤه) أيضاً . والصبر ليس مقاومة ÙˆØØ³Ø¨ , إنّما هو مبادرةٌ للقتال ضدَّ جنود الضلال والتضليل Ø£ØÙŠØ§Ù†Ø§Ù‹ . والصبر ليس إمساكاً Ù„Ù„Ù†ÙØ³ عن اقترا٠المعاصي ÙˆØØ³Ø¨ , إنّما هو أيضاً نهوضٌ وعزم على عمل الخير وإتمامه Ø¨Ù†ÙŠÙ‘Ø©Ù Ø³Ù„ÙŠÙ…Ø©Ù ØµØ§Ù„ØØ© Ø› Ùهو مقيّدٌ بقوله تعالى : {Ø§Ø¨Ù’ØªÙØºÙŽØ§Ø¡ÙŽ ÙˆÙŽØ¬Ù’Ù‡Ù Ø±ÙŽØ¨Ù‘ÙÙ‡Ùمْ} [الرعد : 22] .
ومن هنا يتمايز الصابرون Ø› Ùمنهم من يتصبّر لوجه الناس , لا عن إيمان٠أو رضاً أو تسليم٠لقضاء الله Ø³Ø¨ØØ§Ù†Ù‡ وتعالى , ومنهم من يرجو بصبره نوال ثوابه تبارك وتعالى , أو ÙŠØªØØ§Ø´Ù‰ به عقاباً , ولكن منهم Ù…ÙŽÙ† يصبر طاعةً لله (جلّ وعلا) , ÙˆØØ¨Ù‘اً ورضاً وتسليماً لأمره (عزّ وجلّ) , Ùلا يشكو ولا يضجر ولا يعترض .
والصبر درجات وأنواع , منه صبر العوامّ على وجه التجلّد , وهو لا ثواب عليه Ø› إذ لا يكون لله , ومنه صبر الزهّاد والعبّاد لتوقّع ثواب الآخرة وخشية عقابها , ومنه صبر العارÙين الذين يتلذّذون بالمكروه Ø› لأنّه من عند Ø§Ù„Ù…ØØ¨ÙˆØ¨ الله (جلّ جلاله) Ø› إذ خصّهم به دون الناس ÙØµØ§Ø±ÙˆØ§ ملØÙˆØ¸ÙŠÙ† بشر٠نظرته Ø³Ø¨ØØ§Ù†Ù‡ , وموعودين بطيّب بشارته , {ÙˆÙŽØ¨ÙŽØ´Ù‘ÙØ±Ù Ø§Ù„ØµÙ‘ÙŽØ§Ø¨ÙØ±Ùينَ * الَّذÙينَ Ø¥ÙØ°ÙŽØ§ أَصَابَتْهÙمْ Ù…ÙØµÙيبَةٌ قَالÙوا Ø¥Ùنَّا Ù„Ùلَّه٠وَإÙنَّا Ø¥ÙÙ„ÙŽÙŠÙ’Ù‡Ù Ø±ÙŽØ§Ø¬ÙØ¹Ùونَ * Ø£ÙولَئÙÙƒÙŽ عَلَيْهÙمْ صَلَوَاتٌ Ù…Ùنْ رَبّÙÙ‡Ùمْ وَرَØÙ’مَةٌ ÙˆÙŽØ£ÙولَئÙÙƒÙŽ Ù‡Ùم٠الْمÙهْتَدÙونَ} [البقرة : 155 - 157] .
والإمام Ø§Ù„ØØ³ÙŠÙ† (عليه السّلام) قد أخلص النيّة لله (عزّ شأنه) , وسلّم له أمره , وصبر أيَّ صبر ... ØØªÙ‘Ù‰ قال ÙÙŠ زيارته ØÙيدÙÙ‡ الإمام المهديّ (عليه السّلام) : (( وجاهدت ÙÙŠ الله ØÙ‚Ù‘ÙŽ الجهاد , وكنت لله طائعاً , ولجدّك Ù…ØÙ…د٠(صلّى الله عليه وآله) تابعاً , ولقول أبيك سامعاً , وإلى وصيّة أخيك مسارعاً , ولعماد الدين Ø±Ø§ÙØ¹Ø§Ù‹ , وللطغيان قامعاً , ÙˆÙ„Ù„Ø·Ù‘ÙØºØ§Ø© مقارعاً , وللاÙمّة Ù†Ø§ØµØØ§Ù‹ , ÙˆÙÙŠ غمرات الموت Ø³Ø§Ø¨ØØ§Ù‹ , ÙˆÙ„Ù„ÙØ³Ù‘اق Ù…ÙƒØ§ÙØØ§Ù‹ , ÙˆØ¨ØØ¬Ø¬ الله قائماً , وللإسلام والمسلمين راØÙ…اً , وللØÙ‚Ù‘ ناصراً , وعند البلاء صابراً ... ))(5) .
ÙØµØ¨Ø± Ø§Ù„ØØ³ÙŠÙ† (سلام الله عليه) كان جهداً وجهاداً ومجاهدة , وكان معبّراً عن الطاعة المطلقة الخالصة لله Ø³Ø¨ØØ§Ù†Ù‡ وتعالى , وعن الشجاعة المذهلة . ÙØ§Ù„صبر مع أنّه إمساكٌ Ù„Ù„Ù†ÙØ³ عن الجزع هو ثباتٌ على قدم الشجاعة , قال الإمام عليّ (عليه السّلام) ÙÙŠ مجمل غرر ØÙƒÙ…Ù‡ ودرر كلÙÙ…ÙÙ‡ : (( الشجاعة صبر ساعة (6) . الصبر شجاعة ))(7) .
وقيل Ù„Ù„ØØ³Ù† بن عليّ (عليه السّلام) : ما الشجاعة ØŸ
Ùقال : (( مواÙقة الأقران , والصبر عند الطعان ))(8) .
ولقد صبر الإمام Ø§Ù„ØØ³ÙŠÙ† (سلام الله عليه) على الطاعات الطويلة , وعن المعاصي الثقيلة , وعلى مصائبَ جمّة , إلاّ أن تÙهتك ØØ±Ù…ات٠الدين وتهان كرامة المسلمين ÙØ°Ù„Ùƒ ما لم يصبر عليه . وله ÙÙŠ جدّه رسول الله المصطÙÙ‰ (صلّى الله عليه وآله) Ø§ÙØ³ÙˆØ© Ø› ØÙŠØ« وق٠يوماً Ùقال : (( قد صبرت٠ÙÙŠ Ù†ÙØ³ÙŠ ÙˆØ£Ù‡Ù„ÙŠ ÙˆØ¹ÙØ±Ø¶ÙŠ , ولا صبر لي على ذكر إلهي ))(9) . ÙØ£Ù†Ø²Ù„ الله (عزّ وجلّ) : {ÙÙŽØ§ØµÙ’Ø¨ÙØ±Ù’ عَلَى مَا ÙŠÙŽÙ‚ÙولÙونَ} [طه : 130].
وصبر الإمام Ø§Ù„ØØ³ÙŠÙ† (عليه السّلام) صبر الØÙƒÙ…اء العقلاء ØØªÙ‘Ù‰ كانت نهضته ÙÙŠ موقعها المناسب مكاناً وزماناً Ø› ÙØµØ¨Ø± لله , وقام لله (جلّ وعلا) . وقد كتب إلى أخيه (Ù…ØÙ…ّد بن الØÙ†Ùيّة) : (( Ùمن قبÙلني بقبول الØÙ‚Ù‘ ÙØ§Ù„له أولى بالØÙ‚Ù‘ , ومَن ردَّ عَلَيَّ هذا أصبر ØØªÙ‘Ù‰ يقضيَ الله بيني وبين القوم وهو خير Ø§Ù„ØØ§ÙƒÙ…ين ))(10) . ØØªÙ‘Ù‰ إذا استوجب الأمر أن يصبر على المسير قام (عليه السّلام) صابراً كما انتظر صابراً Ø› ÙØ°Ù‡Ø¨ إلى مكّة ووق٠هناك يقول للناس خاطباً : (( ألاَ ومَن كان Ùينا باذلاً مهجتَه , موطّناً على لقاء الله Ù†ÙØ³ÙŽÙ‡ , ÙلْيرØÙ„ معنا Ø› ÙØ¥Ù†Ù‘ÙŠ راØÙ„ÙŒ Ù…ØµØ¨ØØ§Ù‹ إن شاء الله ))(11) .
واعترضه ÙÙŠ الطريق (أبو الهرم) وسأله : يابن رسول الله , ما الذي أخرجك عن ØØ±ÙŽÙ… جدّك ØŸ
ÙØ£Ø¬Ø§Ø¨Ù‡ (عليه السّلام) : (( يا أبا هرم , إنَّ بني اÙميّة شتموا عرضي ÙØµØ¨Ø±Øª , وأخذوا مالي ÙØµØ¨Ø±Øª , وطلبوا دمي Ùهربت ... ))(12) .
أمّا الذي لم يصبر عليه الإمام Ø§Ù„ØØ³ÙŠÙ† (صلوات الله عليه) , وهو الغيور , Ùهو أن يرى بني اÙميّة ينزون على منبر رسول الله (صلّى الله عليه وآله) Ø› ÙŠØØ±Ù‘Ùون الكلم عن مواضعه , ويØÙƒÙ…ون بما لم ÙŠÙنزل الله به كتاباً , ويذلّون عباد الله , ويهينون أولياء الله , ويعودون بالناس القهقرى إلى الجاهليّة الاÙولى , ويهلكون Ø§Ù„ØØ±Ø« والنسل , ويشيعون Ø§Ù„ÙØ³Ø§Ø¯ ÙˆØ§Ù„Ø¥ÙØ³Ø§Ø¯ , ويسلبون الأموال , ويقتلون الرجال , ويهتكون الأعراض .
Ùوق٠يعلنها ثورةً دونها الأبدان ÙˆØ§Ù„Ø£Ù†ÙØ³ والدماء , Ùقال خاطباً : (( ألاَ ترون إلى الØÙ‚Ù‘ لا ÙŠÙØ¹Ù…ÙŽÙ„ به , وإلى الباطل لا ÙŠÙØªÙ†Ø§Ù‡Ù‰ عنه ØŸ! ليرغب المؤمن٠ÙÙŠ لقاء الله Ø› ÙØ¥Ù†Ù‘ÙŠ لا أرى الموت إلاّ سعادة , والØÙŠØ§Ø©ÙŽ Ù…Ø¹ الظالمين إلاّ برَماً ))(13) .
وأيّ صبر٠هذا ØÙŠÙ†Ù…ا يقْدم المرء على الموت , ÙŠØ±ÙØ¹ إليه قدميه مقْبلاً عليه , راغباً Ùيه , يراه السعادةَ بعينها Ø› ذلك لأنّه لا يستطيع الصبر على ظلم الظالمين , ولا يقوى أن يرى كي٠تÙهتك مقدّسات الدين !
ÙØµØ¨Ø±ÙŽ Ø§Ù„Ø¥Ù…Ø§Ù… Ø§Ù„ØØ³ÙŠÙ† (عليه السّلام) ØÙŠÙ†Ù…ا كلّÙÙ‡ الله بالصمت , وصبر أيضاً ØÙŠÙ†Ù…ا كلّÙÙ‡ Ø³Ø¨ØØ§Ù†Ù‡ وتعالى Ø¨Ø§Ù„Ø³ÙØ± إلى كربلاء , وصبر ÙÙŠ كلّ موق٠بما يقتضيه ØÙƒÙ… الله (عزّ وجلّ) . ولم ÙŠÙØ¹Ø±Ù منه أنّه ضع٠ÙÙŠ موقÙ٠أو ØØ§Ù„Ø© , بل كان إذا ØØ¯Ù‘Ø« الخصوم يريد لهم Ø§Ù„Ù†ØµÙŠØØ© ÙÙŠ الله لا إنقاذَ Ù†ÙØ³Ù‡ من سيوÙهم , وهو الذي قالها ÙÙŠ مكّة على مسامع الملأ : (( كأنّي بأوصالي تتقطّعها عسلان الÙلوات بين النواويس وكربلاء , Ùيملأن منّي أكراشاً جÙÙˆÙØ§Ù‹ , وأجربةً Ø³ÙØºØ¨Ø§Ù‹ . لا Ù…ØÙŠØµ عن ÙŠÙˆÙ…Ù Ø®ÙØ·Ù‘ÙŽ بالقلم ))(14) .
ولم ÙŠÙ‚Ù Ø§Ù„ØØ³ÙŠÙ† (سلام الله عليه) يطلب الØÙŠØ§Ø© من الغدرَة يريد أن يؤجّل بطلبه أجلاً هو يعلمه , ØØ§Ø´Ø§Ù‡ وهو القائل لاÙمّ سلمة (رضوان الله عليها) : (( إنّي أعلم اليومَ الذي اÙقتل Ùيه , والساعةَ التي اÙقتل Ùيها , وأعلم Ù…ÙŽÙ† ÙŠÙقتل من أهل بيتي ÙˆØ£ØµØØ§Ø¨ÙŠ . أتظنّين أنّك علمت٠ما لم أعلمْه ØŸ! وهل من الموت Ø¨ÙØ¯Ù‘ ØŸ! ÙØ¥Ù† لم أذهب اليوم ذهبت٠غداً )) .
وقال لابن الزبير : (( لو كنت٠ÙÙŠ Ø¬ÙØÙ’Ø± هامة٠من هذه الهوام لاستخرجوني ØØªÙ‘Ù‰ يقضوا Ùيَّ ØØ§Ø¬ØªÙ‡Ù… )) .
وقال لعبد الله بن Ø¬Ø¹ÙØ± : (( إنّي رأيت رسول الله ÙÙŠ المنام وأمرني بأمر٠أنا ماض٠له )) .
ÙˆÙÙŠ بطن العقبة قال لمَن معه : (( ما أراني إلاّ مقتولاً Ø› ÙØ¥Ù†Ù‘ÙŠ رأيت ÙÙŠ المنام كلاباً تنهشني , وأشدّÙها علَيَّ كلبٌ أبقع ))(15) .
ÙˆÙŠÙØ³Ù‘ر هذا ما أورده المتّقي الهنديّ ÙÙŠ (كنز العمّال)(16) , عن Ù…ØÙ…ّد بن عمرو بن ØØ³ÙŠÙ† قال : كنّا مع Ø§Ù„ØØ³ÙŠÙ† (عليه السّلام) بنهر كربلاء , Ùنظر إلى شمر بن ذي الجوشن Ùقال : (( صدق الله ورسوله , قال رسول الله (صلّى الله عليه وآله) : كأنّي أنظر٠إلى كلب٠أبقع يلغ ÙÙŠ دماء أهل بيتي )) . وكان شمر أبرص(17) .
وقد أجاد ÙÙŠ وصÙÙ‡ الشاعر٠المسيØÙŠÙ‘ (پولس سلامة) ÙÙŠ Ø¥ØØ¯Ù‰ قصائده التي ØÙˆØ§Ù‡Ø§ ديوانه (عيد الغدير) , ØÙŠØ« قال :
أبرصاً كان ثعلبيَّ السÙمات٠أصغر الوجه٠أØÙ…رَ الشعَراتÙ
ناتئَ الصدغ أعقÙÙŽ Ø§Ù„Ø£Ù†Ù Ù…ÙØ³Ù’ ـودَّ الثنايا مشوَّهَ القسَماتÙ
صÙيغ من جبهة٠القرود وألو Ø§Ù†Ù Ø§Ù„ØØ±Ø§Ø¨ÙŠ ÙˆØ£Ø¹ÙŠÙ†Ù Ø§Ù„ØÙŠÙ‘اتÙ
منتن Ø§Ù„Ø±ÙŠØ Ù„Ùˆ تنÙّس ÙÙŠ الأس Ù€ØØ§Ø± عاد الصباØÙ للظلماتÙ
يستر Ø§Ù„ÙØ¬Ø±ÙŽ Ø£Ù†ÙÙÙ‡ ويولّي إن يصعّدْ Ø£Ù†ÙØ§Ø³ÙŽÙ‡ المنتÙناتÙ
ذلك المسخ لو تصدّى لمر Ø© ٠لَشاهتْ صØÙŠÙة٠المرآةÙ
رعبَ الاÙمَّ ØÙŠÙ† مولده المش ـؤوم والاÙÙ…Ù‘Ù Ø³ÙØÙ†Ø©Ù Ø§Ù„Ø³Ù‘ÙŽØ¹ÙŽÙ„Ø§Ø©Ù
ودعاه (ذو الجوشن) النذل شمر لم يشمّرْ إلاّ عن المÙوبÙقاتÙ
لم ÙŠØØ±Ù‘Ùƒ يداً لإتيان Ø®ÙŠØ±Ù ÙØ¥Ø°Ø§ هَمَّ هَمَّ بالسيّئاتÙ(18)
ÙØ§Ù„إمام Ø§Ù„ØØ³ÙŠÙ† (عليه السّلام) ØØ§Ø´Ø§Ù‡ أن يرجو من هؤلاء خيراً , لكنّه التكليÙ٠يستدعي أن يبلّغ ØØªÙ‘Ù‰ يقطع على كلّ ذي عذر٠عذرَه Ø› Ùيعلّم الجاهل , ويخبر الغائب , وينبّه الغاÙÙ„ , ويضع Ø§Ù„ØØ¬Ù‘Ø© البالغة ÙˆØ§Ù„Ù…ØØ¬Ù‘Ø© الناصعة الدامغة أمام أعين الناس . وإلاّ Ùهو يعلم أنّه مقتول , Ùلمّا أشار عليه عمرو بن لوذان بالانصرا٠عن Ø§Ù„ÙƒÙˆÙØ© إلى أن ينظر ما يكون عليه ØØ§Ù„ الناس , قال (عليه السّلام) : (( لن يخÙÙ‰ عَلَيّ الرأي , ولكنْ لا ÙŠÙØºÙ„ب على أمر الله , وإنّهم لا يدَعوني ØØªÙ‘Ù‰ يستخرجوا هذه العلَقَة Ù…ÙÙ† جوÙÙŠ ))(19) .
وهذا هو الصبر , ولا يناÙيه أن تسØÙ‘ عيناه الكريمتان بالدموع الغزيرة ÙÙŠ مواق٠عديدة Ø› ÙØ§Ù„بكاء معبّرٌ عن ØØ²Ù† رØÙ…Ø© , وعن رقّة٠قلب , وسخاء Ø¹Ø§Ø·ÙØ© . وقد Ø¹ÙØ±Ù به الأنبياء والمرسلون (صلوات الله عليهم) . يقول Ø£ØØ¯ الشعراء ÙÙŠ Ø§ÙØ±Ø¬ÙˆØ²Ø©Ù له :
انظر إلى Ø¨ÙƒØ§Ø¡Ù ØØ¶Ø±Ø©Ù الصÙÙŠ آدمَ بعد مَخدع٠وقد Ø®ÙÙÙŠ
بكاؤÙÙ‡ أيضاً على هابيل ÙÙŠ أربعينَ ليلةً قتيلا
أمَا سمعتَ من بكاء٠يوسÙÙÙ ÙÙŠ السجن بعد قوله٠المتّصÙÙ
وانظر إلى البكاء من يعقوبه ذَهابَ عينه٠على Ù…ØØ¨ÙˆØ¨Ù‡
انظر إلى الØÙ‚Ù‘ إلى خليله٠بكاءَه بكاء إسماعيلهÙ
انظر إلى Ø§Ù„Ø®ÙØ¶Ø± إلى بكائه٠لأجل آل٠الله عن بلائهÙ
وانظر إلى بكاء ØØ¶Ø±Ø© النبي السيّد٠المكرّم٠المنتجَبÙ
دموع عينيه٠على رÙقيّهْ Ù…Ø¹Ø±ÙˆÙØ©ÙŒ مشهورةٌ مرويّهْ
انظر إلى بكائه وغمّه٠لابن أبي طالب ابن عمّهÙ
Ù„Ø¬Ø¹ÙØ± الشهيد عند موته٠ولابنه الصغير٠بعدَ ÙوتهÙ
لاÙمّه Ø§Ù„ÙØ§Ø·Ù… بنت٠الأسد٠كاÙمّه زوجة٠عمّ٠أمجدÙ
اسمع بكاءَه على النجاشي Ø³Ù„Ø·Ø§Ù†Ù ØØ¨Ø´Ø§Ù†Ù بلا ØªØØ§Ø´ÙŠ
انظر إلى دموعه ÙÙŠ Ø§Ù„ØØ§Ø¯Ø«Ù‡Ù’ لموت إبراهيمَ وابن Ø§Ù„ØØ§Ø±Ø«Ù‡Ù’
انظر إلى دموعه المطهَّره لذكر اÙمّ المؤمنين الطاهره
ÙØ§Ù„ØØ²Ù† والبكاء من طبائع Ø§Ù„Ù†ÙØ³ البشريّة , والأنبياء والأولياء أرقّ٠الناس Ø¹Ø§Ø·ÙØ© Ø› ÙØ¨ÙƒÙ‰ آدم (عليه السّلام) على ولَده هابيل ÙˆØØ²Ù† عليه , وبكى يعقوب (عليه السّلام) على ولده ÙŠÙˆØ³Ù ØØªÙ‘Ù‰ ابيضّت عيناه من Ø§Ù„ØØ²Ù† , وأمّا المصطÙÙ‰ الأكرم (صلّى الله عليه وآله) Ù€ وكان الأصبرَ ÙÙŠ الشدائد والمصائب , والأثبتَ ÙÙŠ النوائب Ù€ Ùقد بكى ÙˆØØ²Ù† , ولم يكن ذلك جزعاً من نازلة , أو اعتراضاً على قضاء الله , أو سخطاً على أمره , ØØ§Ø´Ø§Ù‡ .
ÙÙŠ صØÙŠØ البخاريّ , عن أنس بن مالك قال : دخلنا مع رسول الله (صلّى الله عليه وآله) على أبي سي٠القين , [وكان ظئراً لإبراهيم , ÙØ£Ø®Ø° رسول الله (صلّى الله عليه وآله) إبراهيم Ùقبّله وشمّه] ثمّ دخلنا عليه بعد ذلك وإبراهيم (عليه السّلام) يجود Ø¨Ù†ÙØ³Ù‡ , ÙØ¬Ø¹Ù„تْ عينا رسول الله (صلّى الله عليه وآله) ØªØ°Ø±ÙØ§Ù† , Ùقال له عبد الرØÙ…Ù† بن عو٠: وأنت يا رسول الله تبكي !
Ùقال : (( يابن عو٠, إنّها رØÙ…Ø© )) . ثمّ أتبعها Ø¨Ø§ÙØ®Ø±Ù‰ , Ùقال (صلّى الله عليه وآله) : (( [إنّ] العين تدمع , والقلب ÙŠØØ²Ù† , ولا نقول إلاّ ما يرضي ربَّنا , وإنّا Ù„ÙØ±Ø§Ù‚Ùƒ يا إبراهيم Ù„Ù…ØØ²ÙˆÙ†ÙˆÙ† )) .
يقول الشهيد الثاني زين الدين عليّ بن Ø£ØÙ…د Ø§Ù„Ø¬ÙØ¨Ø¹ÙŠ Ø§Ù„Ø¹Ø§Ù…Ù„ÙŠ (رضوان الله عليه) : اعلم أنَّ البكاء بمجرّده غير مناÙ٠للصبر ولا للرضا بالقضاء , وإنّما هو طبيعةٌ بشريّة , ÙˆØ¬ÙØ¨Ù„ّةٌ إنسانيّة , ورØÙ…ةٌ رØÙ…يّة أو ØØ¨ÙŠØ¨ÙŠÙ‘Ø© , Ùلا ØØ±Ø¬ ÙÙŠ إبرازها , ولا ضرر ÙÙŠ إخراجها ما لم تشتمل على Ø£ØÙˆØ§Ù„٠تأذن بالسخط , وتنبئ عن الجزع .
ÙˆØ§Ù„ØØ³ÙŠÙ† (سلام الله عليه) بكى على Ù…ÙŽÙ† Ù‚ÙØªÙ„ من أهل بيته , وعلى من ظمئ منهم . يقول الشيخ التستري : إنَّ الطبائع البشريّة موجودةٌ Ùيهم ( ÙÙŠ أهل البيت (عليهم السّلام) ) , Ùيعرضهم الجوع والعطش عند أسبابه , ÙˆØªØØªØ±Ù‚ قلوبهم لما يرد عليهم .
وقد بكى على ابن أخيه القاسم بن Ø§Ù„ØØ³Ù† Ù€ وهو غلام لم يبلغ الØÙ„Ù… Ù€ ØÙŠÙ†Ù…ا برز إلى Ø§Ù„ØØ±Ø¨ , ÙØ§Ø¹ØªÙ†Ù‚Ù‡ ØØªÙ‘Ù‰ ØºÙØ´ÙŠ Ø¹Ù„ÙŠÙ‡ , وبكى على ولده عليّ٠الأكبر ØÙŠÙ† برز إلى الميدان , ÙˆØÙŠÙ† Ø§Ø³ØªÙØ´Ù‡Ø¯ , وبكى على أخيه العبّاس ØÙŠÙ† وجَده قطيعَ اليدين , Ù…ÙØ·ÙØ£ العينين Ø› ÙˆØ§ØØ¯Ø©ÙŒ قد نبت Ùيها السهم , ÙˆØ§Ù„Ø§ÙØ®Ø±Ù‰ قد جمد عليها الدم , والرأس Ù…ÙØ¶ÙˆØ®ÙŒ بعمود٠قد نثر دÙماغه على كتÙَيه , والسهام تجمّعت على بدنه الشري٠.
وهنا نق٠على صبر الإمام Ø§Ù„ØØ³ÙŠÙ† (عليه السّلام) ÙÙŠ خصائصه Ø› ÙØ§Ù„صبر Ø§Ù„ØØ³ÙŠÙ†ÙŠÙ‘ امتاز عن غيره , ÙˆØªÙØ±Ù‘د ÙÙŠ Ø£ØØ§ÙŠÙŠÙ† كثيرة , Ùلنتأمّل ÙÙŠ ذلك :
الخصّيصة الاÙولى
إنَّ الصبر عادةً ØªÙØ¹Ø±Ù درجته من خلال عظم المصيبة وشدّة الموق٠؛ ÙÙ…ÙŽÙ† صبر على Ùقد مال غير٠مَن صبر على Ùقد الولد , ومَن صبر على نازلة الموت وهو على ÙØ±Ø§Ø´Ù‡ ÙŠØÙŠØ· به أبناؤه وأهله غير٠مَن صبر على القتل Ø§Ù„ÙØ¶ÙŠØ¹ ÙÙŠ Ø³Ø§ØØ© المعركة وأهل٠بيته ينظر إليهم أشلاءَ Ø¶ØØ§ÙŠØ§ , مجزَّرين على صعيد المنايا , ويرى مصارع الشهداء من عشيرته , وأبنائه وإخوته , ÙˆØ£ØµØØ§Ø¨Ù‡ وبني عمومته . ومَن صبر على تكلي٠إبلاغ الØÙ‚Ù‘ غير٠مَن صبر على القتال دونه .
ولقد Ø®ÙØµÙ‘ الصبر Ø§Ù„ØØ³ÙŠÙ†ÙŠÙ‘ بأنّه كان على أمر٠عظيم , وتكلي٠جسيم , وقضيّة٠مهولة , ومسؤوليّة٠تأريخيّة تنوء بها الجبال , ويتعيّن بها شأن الدين والاÙمّة . يقول الشيخ Ø¬Ø¹ÙØ± التستريّ : قد Ø§Ø®ØªÙØµÙ‘ÙŽ ( الإمام Ø§Ù„ØØ³ÙŠÙ† (صلوات الله عليه) ) بخصوصيّة٠ÙÙŠ الجهاد Ø› ÙØ§Ùمر بجهاد٠خاصّ٠ÙÙŠ Ø£ØÙƒØ§Ù…Ù‡ لم يؤمَر به Ø£ØØ¯ÙŒ قبله بالنسبة إلى Ø£ØÙƒØ§Ù…Ù‡ , وذلك من وجوه :
الأوّل : من شرائط الجهاد ÙÙŠ أوّل الأمر أن يكون Ø§Ù„ÙˆØ§ØØ¯ بعشرة لا بأزيد , Ùيلزم ثبات كلّ ÙˆØ§ØØ¯ ÙÙŠ مقابل عشر٠من Ø§Ù„ÙƒÙØ§Ø± . ثمّ Ø®Ùّ٠الله عنهم وعلم أنَّ Ùيهم Ø¶Ø¹ÙØ§Ù‹ , ÙØ¬Ø¹Ù„ شرط الوجوب أن يكون Ø§Ù„ÙˆØ§ØØ¯ باثنين Ø› ÙØ¥Ø°Ø§ كان عدد العدوّ زائداً على المئة بالنسبة إلى العشرة بعد نسخ الأوّل لم يجب الجهاد . ولكن قد كتب عليه ( أي الإمام Ø§Ù„ØØ³ÙŠÙ† (عليه السّلام) ) مقاتلته ÙˆØØ¯Ù‡ ÙÙŠ مقابل ثلاثين Ø£Ù„ÙØ§Ù‹ أو أزيد .
الثاني : لا جهاد على الصبيان , ولا على الهÙمّ٠وهو الشيخ الكبير . وقد Ø´ÙØ±Ù‘ع الجهاد ÙÙŠ واقعته على الصبيان مثل القاسم , وابن العجوز , بل مثل عبد الله بن Ø§Ù„ØØ³Ù† , وعلى الشيخ الكبير ÙƒØØ¨ÙŠØ¨ بن مظاهر .
الثالث : أن لا يظنّ الهلاك , وهناك قد علم (عليه السّلام) بأنّه ÙŠÙقتل , Ùقال Ù„Ø£ØµØØ§Ø¨Ù‡ : (( أشهد أنّكم تÙقتلون جميعاً , ولا ينجو Ø£ØØ¯ÙŒ منكم إلاّ ولدي عليّ )) , أي السجّاد زين العابدين (عليه السّلام) .
ثمّ إنّهم (أي أعداؤه) قد خالÙوا ÙÙŠ السلوك معه Ø£ØÙƒØ§Ù… السلوك التي جعل الله للكÙّار ØÙŠÙ† الجهاد , وهي كثيرة :
Ù€ منها : ÙÙŠ الشهر Ø§Ù„ØØ±Ø§Ù… , ولكن ØÙŠØ« قاتلوه Ùيه قاتلهم Ùيه .
Ù€ ومنها : أن لا ÙŠÙقتل Ùيه صبيّ ولا امرأة من الكÙّار , وقد قتلوا ( أي أعداء Ø§Ù„ØØ³ÙŠÙ† (عليه السّلام) ) منه صبياناً , بل رضعاناً Ø› ÙØ±Ø¶ÙŠØ¹ÙŒ ØÙŠÙ† أراد تقبيله , ورضيعٌ ØÙŠÙ† أراد منهم سقيَه .
Ù€ ومنها : أن لا ÙŠÙØØ±ÙŽÙ‚ زرعÙهم (أي Ù…ÙÙ† Ù‚ÙØ¨Ù„ الكÙّار) , وقد ØÙرق بعض٠خيامه (عليه السّلام) ØÙŠÙ† ØÙŠØ§ØªÙ‡ , وأرادوا ØØ±Ù‚ها مع Ù…ÙŽÙ† Ùيها , ÙˆØØ±Ù‚وها بعد قتله .
Ù€ ومنها : أن لا يهجموا Ø¯ÙØ¹Ø©Ù‹ ....
ثمّ يقول Ù…Ø¶ÙŠÙØ§Ù‹ : باب الأمر بالمعرو٠والنهي عن المنكر له (عليه السّلام) من ذلك قسمٌ لم يكلَّ٠به غيره Ø› ÙØ¥Ù†Ù‘Ù‡ ÙƒÙلّ٠به مع العلم بالضرر , له كيÙيّات ... .
كلّ هذه التكالي٠, والمصاعب والأتعاب , والهموم والآلام , والمصائب ÙˆØ§Ù„ÙØ¬Ø§Ø¦Ø¹ , ÙˆØ§Ù„ØØ³ÙŠÙ† (عليه السّلام) صبر ولم يهن ولم يضع٠, ولم يشكّ ولم يخÙّ٠على Ù†ÙØ³Ù‡ طاعةً لله (جلّ وعلا) , ÙØ£ÙŠÙ‘٠صبر٠ذاك !
الخصّيصة الثانية
قد يصبر المرء ولكن على ذلّة٠وهوان , أو يرى الصبر ÙÙŠ السكوت والقعود , والتنØÙ‘ÙŠ عن Ø³Ø§ØØ© الصراع المرير . وقد رأينا بعض Ø§Ù„ØµØØ§Ø¨Ø© والتابعين ØÙŠÙ†Ù…ا ÙƒÙلّÙوا بالوقو٠ÙÙŠ وجه Ø§Ù„ÙƒÙØ± والظلم اتّخذوا Ù„Ø£Ù†ÙØ³Ù‡Ù… مساجد ÙˆÙ…ØØ§Ø±ÙŠØ¨ , أو صوامع يتعبّدون Ùيها Ø› ÙØªØ·ÙŠØ± أخبار صلاØÙ‡Ù… ÙÙŠ البلدان , ويأمنون بعد ذلك سطوة السلطان . Ùلا ÙŠÙØ¹Ø±ÙŽÙون إلاّ بالزهد وعناء العبادة وترك الدنيا , ÙÙŠ ØÙŠÙ† أنَّ زهدهم لم يكن بالأموال , بل زهدوا بالثواب العظيم , وأنَّ عبادتهم تلك كانت معاصيَ Ø› إذ لم يكلّÙهم بها الله تعالى , إنّما كلّÙهم بالكلمة الØÙ‚ّة العادلة ÙÙŠ وجه السلطان الظالم الجائر , ÙØªØ±ÙƒÙˆØ§ ذلك ولم يأتمروا , وعصوا الله , والعبادة هي الطاعة .
كذا لم يكن مكثهم ÙÙŠ المساجد ÙˆØ§Ù„Ù…ØØ§Ø±ÙŠØ¨ تعبيراً عن ترك ØØ¨Ù‘ الدنيا , بل كان تعبيراً عن ØØ¨Ù‘ الدنيا Ø› لأنّهم ØÙŠÙ† قبعوا ÙÙŠ زواياهم تلك أرادوا الØÙاظ على Ø£Ù†ÙØ³Ù‡Ù… , والإبقاء على ØÙŠØ§ØªÙ‡Ù… ودنياهم وإن مات الدين ÙˆØ³ÙØÙ‚Øª كرامة المسلمين . لكنَّ الإمام Ø§Ù„ØØ³ÙŠÙ† (سلام الله عليه) كان ممّن Ø¹ÙØ±Ù بصبره على طاعة الله , ÙˆÙÙŠ الوقت ذاته Ø¹ÙØ±Ù بصبره عن معصية الله , وكان الانزواء ÙÙŠ تلك المرØÙ„Ø© التأريخيّة من أكبر المعاصي Ø› إذ يمكّن Ø§Ù„ÙƒÙØ±ÙŽ Ù…Ù† الشريعة , ويمكّن الطغاةَ من رقاب الناس .
وكان من صبر Ø§Ù„ØØ³ÙŠÙ† (صلوات الله عليه) أن اقتØÙ… Ø³Ø§ØØ© المواجهة ضدّ رؤوس الضلال ÙˆØ§Ù„ÙØ³Ø§Ø¯ والظلم , وجابه الطواغيتَ بجميع صورهم وقواهم , وعرّض Ù†ÙØ³Ù‡ المقدّسة للصعاب من أجل إنقاذ الرسالة الإسلاميّة والاÙمّة الإسلاميّة Ø› ÙØ¨Ù‡Ø¬ÙˆÙ…Ù‡ هجم على كلّ Ø§Ù†ØØ±Ø§Ù , وببريق سيÙÙ‡ كش٠كلّ ØÙ‚يقة , وبنهضته نبّه كلَّ غاÙÙ„ ونائم Ø› Ùكان صبره متØÙ„ّياً بالإباء لا بالخنوع , وبالوعي والعزّة لا بالانزواء والخضوع .
وقد شهدت له Ø³Ø§ØØ© الطÙÙ‘ أنّه الصبور Ø› Ùمع قلّة العدد , وخذلان الناصر , وكثرة العدوّ , وشدّة الموق٠, وذلك العطش القاتل , ÙˆØØ±Ø§Ø¬Ø© Ø§Ù„ØØ§Ù„ , وسوء ØØ§Ù„ العيال من الأرامل واليتامى ÙˆØ§Ù„Ø£Ø·ÙØ§Ù„ , هجم Ø§Ù„ØØ³ÙŠÙ† (عليه السّلام) على أعدائه المتجمّعين Ø¢Ù„Ø§ÙØ§Ù‹ متراصّةً ÙØ´ØªÙ‘تهم , وكرّ عليهم ÙكشÙهم مرّات , وسيÙÙ‡ المنتضى يقرأ على مسامع الأوباش خطب العزّة والكرامة والإباء , والشجاعة والصبر ÙˆØ§Ù„ÙØ¯Ø§Ø¡ .
Ø·Ù…ÙØ¹Øª أن تسومه القوم ضيم وأبى الله ÙˆØ§Ù„ØØ³Ø§Ù…٠الصنيعÙ
كي٠يلوي على الدنيّة جÙيد Ù„ÙØ³ÙˆÙ‰ الله ما لواه الخضوعÙ
ولديه جأشٌ أردّ٠من الدرْ ع لظمأى القنا وهÙنَّ شروعÙ
وبه يرجع الØÙاظ لصدر٠ضاقت الأرض٠وهي Ùيه تضيعÙ
ÙØ£Ø¨Ù‰ أن يعيش إلاّ عزيز أو تجلَّى Ø§Ù„ÙƒÙØ§ØÙ وهو صريعÙ
ÙØªÙ„قّى الجموع ÙØ±Ø¯Ø§Ù‹ ولكن كلّ٠عضو٠ÙÙŠ الرَّوع منه جÙموعÙ
رمØÙÙ‡ Ù…ÙÙ† بَنانه٠وكأنْ Ù…ÙÙ† Ø¹Ø²Ù…Ù‡Ù ØØ¯Ù‘٠سيÙÙ‡ مطبوعÙ
زوّجَ السيÙÙŽ بالنÙوس ولكن مهرÙها الموت والخضاب٠النجيعÙ
بأبي كالئاً على الطÙÙ‘ خدر هو ÙÙŠ Ø´ÙØ±Ø© Ø§Ù„ØØ³Ø§Ù… منيعÙ(20)
ÙØ£ÙŠÙ‘٠صبر٠هذا ÙÙŠ موق٠كذاك !
الخصّيصة الثالثة
إنَّ أشدَّ الشجعان صبراً لا يقْدم على Ø³Ø§ØØ©Ù يتأكّد أنّه مقتول عليها , إنّما يخطو إلى Ù…Ø¹Ø±ÙƒØ©Ù ÙŠØªÙØ§Ø¡Ù„ Ùيها بالنصر أو ÙŠØØªÙ…له ولو قليلاً على أقلّ Ø§Ù„ÙØ±ÙˆØ¶ . أمّا أن يقْدم مبارزٌ على معركة٠لا ÙŠØªÙØ§Ø¡Ù„ بها إلاّ بالشهادة , ولا يرى إلاّ أنّه مقتول هو وأهل بيته , ثمّ يخطو Ø¨ØØ²Ù… , ويتقدّم بعزم , ÙØ°Ù„Ùƒ هو الصبر ÙÙŠ أعلى درجاته .
لمّا عزم Ø§Ù„ØØ³ÙŠÙ† (عليه السّلام) على الخروج من المدينة أتته اÙمّ سلمة (رضي الله عنها) , Ùقالت : يا بنيَّ , لا ØªÙØØ²Ù†Ù‘ÙŠ بخروجك إلى العراق Ø› ÙØ¥Ù†Ù‘ÙŠ سمعت جدَّك يقول : (( ÙŠÙقتل ولدي Ø§Ù„ØØ³ÙŠÙ† بأرض العراق , ÙÙŠ أرض٠يقال لها : كربلا )) .
Ùقال لها : (( يا اÙمّاه , وأنا والله أعلم ذلك , وإنّي مقتولٌ لا Ù…ØØ§Ù„Ø© , وليس لي من هذا بدّ , وإنّي والله لأعر٠اليوم الذي اÙقتل Ùيه , وأعر٠مَن يقتلني , وأعر٠البقعة التي Ø§ÙØ¯ÙÙ† Ùيها , وإنّي أعر٠مَن ÙŠÙقتل من أهل بيتي وقرابتي وشيعتي , وإن أردت٠يا اÙمّاه Ø§ÙØ±ÙŠÙƒ ØÙرتي ومضجعي )) .
ثمّ أشار (عليه السّلام) إلى جهة كربلاء , ÙØ§Ù†Ø®Ùضت الأرض ØØªÙ‘Ù‰ أراها مضجعه ومدÙنه وموضع عسكره , وموقÙÙ‡ ومشهده , ÙØ¹Ù†Ø¯ ذلك بكت اÙمّ٠سلمة بكاءً شديداً , وسلّمت أمرَه إلى الله , Ùقال لها : (( يا اÙمّاه , قد شاء الله (عزّ وجلّ) أن يراني مقتولاً Ù…Ø°Ø¨ÙˆØØ§Ù‹ ظلماً وعدواناً , وقد شاء أن يرى ØØ±Ù…ÙŠ ورهطي ونسائي مشرّدين , ÙˆØ£Ø·ÙØ§Ù„ÙŠ مذبوØÙŠÙ† مظلومين , مأسورين مقيّدين , وهم يستغيثون Ùلا يجدون ناصراً ولا معيناً )) .
وقد نقلتْ لنا كتب Ø§Ù„ØØ¯ÙŠØ« عشرات الروايات من عشرات المصادر عن طرق٠عديدة لجميع المذاهب الإسلاميّة ÙÙŠ شأن إخبار الله تعالى أنبياءه ونبيّنا (صلوات الله عليهم) بشهادة Ø§Ù„ØØ³ÙŠÙ† (عليه السّلام) , وإخبار الرسول وأمير المؤمنين ÙˆØ§Ù„ØØ³Ù† (عليهم السّلام) بشهادته (عليه السّلام) , ما يجتمع لها كتابٌ كبير .
ÙØ¥Ù†Ù’ يقْدم الرجل على موت٠مØÙ‚ّق , وقتل٠مؤكّد ثمّ لا يهتزّ ولا يتردّد ÙØ°Ù„Ùƒ هو الصبر ÙÙŠ أرسخ مواقÙÙ‡ وأشمخ ÙˆÙ‚ÙØ§ØªÙ‡ . وأن يتقدّم الرجل إلى Ø³Ø§ØØ©Ù رهيبة٠يعلم يقيناً أنَّ Ùيها مصرعه ÙØªÙ„Ùƒ هي الشجاعة ÙÙŠ أبهى صورها وأعزّ أوصاÙها . وتلك هي الصلابة Ø§Ù„ØØ³ÙŠÙ†ÙŠÙ‘Ø© , وذلك هو ربط الجأش وشدّة العزيمة , وليست الشجاعة الØÙ‚يقيّة عند من دخل معركة ÙŠØØªÙ…Ù„ Ùيها النصر والغلبة , ويتوقّع الخروج منها سالماً غانماً .
إنَّ الإمام Ø§Ù„ØØ³ÙŠÙ† (عليه السّلام) تقدّم لا يعبأ بالموت Ø› إذ كان أصبر عليه ÙÙŠ طاعة الله وسبيله من الØÙŠØ§Ø© الذليلة مع الظالمين , بل كان الإمام Ø§Ù„ØØ³ÙŠÙ† (صلوات الله عليه) وهو القائل : (( وأيم الله , ليقتلوني )) , يجد أنَّ ÙÙŠ الØÙŠØ§Ø© موتاً , وأنَّ ÙÙŠ الموت ØÙŠØ§Ø© إذا كان العيش ذلّة , والموت بعد Ø¬Ù‡Ø§Ø¯Ù Ø´Ø±ÙØ§Ù‹ وعزّة . وقد أثبت الإمام Ø§Ù„ØØ³ÙŠÙ† (عليه السّلام) ذلك بصبره , ولله درّ٠القائل Ùيه :
وجدَ الردى ÙÙŠ العزّ عينَ ØÙŠØ§ØªÙ‡Ù ورأى مع الذّÙلّ٠الØÙŠØ§Ø©ÙŽ Ù…ÙŽÙ…Ø§ØªØ§
ما مات بل غنم الØÙŠØ§Ø©ÙŽ Ù…Ø´ÙŠÙ‘ÙŽØ¹ÙŒ ØªØØª الصوارم٠والأسنّة٠ماتا
وكذا لله درّ القائل Ùيه (عليه السّلام) :
Ù†ÙØ³ÙŠ Ø§Ù„ÙØ¯Ø§Ø¡Ù لسيّد٠خانت مواثقَه الرعيّهْ
رامت اÙميّة٠ذÙلَّه بالسÙلم لا عزّت اÙميّهْ
ØØ§Ø´Ø§Ù‡ Ù…ÙÙ† خو٠المنيّ ـة والركون٠إلى الدنيّهْ
ÙØ£Ø¨Ù‰ إباءَ Ø§Ù„Ø§ÙØ³Ù’د مخ ـتاراً على الذÙلّ٠المنيّهْ
وأجاد Ø§Ù„Ø§ÙØ³ØªØ§Ø° Ø£ØÙ…د ØØ³Ù† لطÙÙŠ ÙÙŠ كلمته : إنَّ الموت الذي كان ينشده ( Ø§Ù„ØØ³ÙŠÙ† (عليه السّلام) ) Ùيها كان يمثّل ÙÙŠ نظره Ù…ÙØ«Ùلاً أروع من كلّ مثÙÙ„ الØÙŠØ§Ø© Ø› لأنّه الطريق إلى الله الذي منه المبتدأ وإليه المنتهى Ø› لأنّه السبيل إلى الانتصار وإلى الخلود , ÙØ£Ø¹Ø¸Ù… بطل ينتصر بالموت على الموت .
الخصّيصة الرابعة
إنَّ من مقامات الصبر الرضا بالمقدّر , والرضا بقضاء الله تبارك وتعالى , وهذه هي درجة الزاهدين . جاء عن رسول الله (صلّى الله عليه وآله) أنّه قال : (( إذا Ø£ØØ¨Ù‘ÙŽ الله عبداً ابتلاه Ø› ÙØ¥Ù† صبر اجتباه , وإن رضي Ø§ØµØ·ÙØ§Ù‡ )) .
ومن مقامات الصبر صبر الصدّيقين الذين ÙŠØØ¨Ù‘ون ما يصنع به مولاهم Ø› يرضون ويبتهجون ويتلذّذون بورود المكروه من الله Ø³Ø¨ØØ§Ù†Ù‡ , ويعتبرون ذلك Ø§Ù„ØªÙØ§ØªØ§Ù‹ من Ø§Ù„Ù…ØØ¨ÙˆØ¨ , وكلّ٠ما ÙŠÙØ¹Ù„Ù‡ Ø§Ù„Ù…ØØ¨ÙˆØ¨ Ù…ØØ¨ÙˆØ¨ .
نزل الإمام Ø§Ù„ØØ³ÙŠÙ† (صلوات الله عليه) ÙÙŠ منزل شقوق ÙÙŠ مسيره إلى كربلاء , ÙØ£ØªØ§Ù‡ رجلٌ من العراق ÙØ³Ø£Ù„Ù‡ , ÙØ£Ø®Ø¨Ø±Ù‡ Ø¨ØØ§Ù„Ù‡ , ثمّ قال (عليه السّلام) : (( إنَّ الأمر لله ÙŠÙØ¹Ù„ ما يشاء , وربّÙنا تبارك كلَّ يوم٠هو ÙÙŠ شأن Ø› ÙØ¥Ù† نزل القضاء ÙØ§Ù„ØÙ…د لله على نعمائه , وهو المستعان على أداء الشكر ... )) , ثمّ أنشد :
ÙØ¥Ù† تكن٠الدنيا ØªÙØ¹Ø¯Ù‘ Ù†Ùيسةً ÙØ¯Ø§Ø±Ù ثواب٠الله أعلا وأنبلÙ
Ùكلّ شيء٠يقضيه الله تعالى خيرٌ ورØÙ…ةٌ ØØªÙ‘Ù‰ الموت , بل ØØªÙ‘Ù‰ القتل طاعةً له Ø³Ø¨ØØ§Ù†Ù‡ . وقد تعجّب الناس كي٠استقبل الإمام Ø§Ù„ØØ³ÙŠÙ† (عليه السّلام) ذلك القتل الرهيب بصدر٠ملؤه الرضا بقضاء الله , والتسليم لأمر الله , وهذه ØµÙØ©ÙŒ Ø¹Ø±ÙØª Ùيه , وخلقٌ ظهر عليه .
عن إسماعيل بن ÙŠØÙŠÙ‰ المزنيّ قال : سمعت Ø§Ù„Ø´Ø§ÙØ¹ÙŠÙ‘ يقول : مات ابنٌ Ù„Ù„ØØ³ÙŠÙ† (عليه السّلام) Ùلم ÙŠÙØ±ÙŽ Ø¨Ù‡ كآبة , ÙØ¹ÙˆØªØ¨ على ذلك Ùقال : (( إنّا أهل البيت نسأل الله (عزّ وجلّ) Ùيعطينا , ÙØ¥Ø°Ø§ أراد ما نكره Ùيما ÙŠØØ¨Ù‘ رضينا )).
ولمّا سقط Ø§Ù„ØØ³ÙŠÙ† (عليه السّلام) ونالته السهام ÙˆØ§Ù„Ø³ÙŠÙˆÙ ÙˆØ§Ù„Ø±Ù…Ø§Ø Ù…Ø§ نالته , قال هلال بن Ù†Ø§ÙØ¹ : كنت ÙˆØ§Ù‚ÙØ§Ù‹ Ù†ØÙˆ Ø§Ù„ØØ³ÙŠÙ† وهو يجود Ø¨Ù†ÙØ³Ù‡ , ÙÙˆ الله ما رأيت قتيلاً قطّ٠مضمَّخاً بدمه Ø£ØØ³Ù†ÙŽ Ù…Ù†Ù‡ وجهاً ولا أنور ! ولقد شغلني نور وجهه عن الÙكرة ÙÙŠ قتله.
ولمّا اشتدّ به Ø§Ù„ØØ§Ù„ , Ø±ÙØ¹ طرÙÙ‡ إلى السماء وقال : (( اللّهمّ متعالي المكان , عظيم٠الجبروت , شديد Ø§Ù„Ù…ØØ§Ù„ , غنيٌّ عن الخلائق , عريض الكبرياء , قادر على ما تشاء , قريب٠الرØÙ…Ø© , صادق الوعد , سابق النعمة , ØØ³ÙŽÙ† البلاء , قريبٌ إذا دعيت , Ù…ØÙŠØ·ÙŒ بما خلقت , قابل التوبة لمَن تاب إليك , قادر على ما أردت , ومدرك ما طلبت , شكورٌ إذا Ø´Ùكرت , ذكورٌ إذا ذÙكرت . أدعوك Ù…ØØªØ§Ø¬Ø§Ù‹ , وأرغب إليك Ùقيراً , ÙˆØ£ÙØ²Ø¹ إليك Ø®Ø§Ø¦ÙØ§Ù‹ , وأبكي إليك مكروباً , وأستعين بك Ø¶Ø¹ÙŠÙØ§Ù‹ , وأتوكّل عليك كاÙياً .
اللّهمّ اØÙƒÙ… بيننا وبين قومنا Ø› ÙØ¥Ù†Ù‘هم غرّونا وخذلونا , وغدروا بنا وقتلونا , ونØÙ† عترة٠نبيّك , ÙˆÙˆÙ„Ù’Ø¯Ù ØØ¨ÙŠØ¨Ùƒ Ù…ØÙ…ّد٠(صلّى الله عليه وآله) الذي اصطÙيته بالرسالة , وائتمنتَه على الوØÙŠ , ÙØ§Ø¬Ø¹Ù„ لنا من أمرنا ÙØ±Ø¬Ø§Ù‹ ومخرجاً يا أرØÙ… الراØÙ…ين .
صبراً على قضائك يا ربّ , لا إله سواك يا غياثَ المستغيثين , ما لي ربٌّ سواك , ولا معبود غيرك . صبراً على ØÙƒÙ…Ùƒ يا غياث Ù…ÙŽÙ† لا غياث له , يا دائماً لا Ù†ÙØ§Ø¯ له , يا Ù…ØÙŠÙŠÙŽ Ø§Ù„Ù…ÙˆØªÙ‰ , يا قائماً على ÙƒÙ„Ù‘Ù Ù†ÙØ³Ù بما كسبت , اØÙƒÙ… بيني وبينهم وأنت خير Ø§Ù„ØØ§ÙƒÙ…ين )) .
وهذا هو التسليم لله (جلّ وعلا) , وعين الرضا بقضائه وإن كان قتلاً مؤلماً , وذلك هو الصبر الذي دونه كلّ٠صبر , ومَن يقوى أو يثبت على موق٠كهذا ؟!
ÙØ¥Ù† يك إسماعيل٠أسلمَ Ù†ÙØ³ÙŽÙ‡ إلى الذبØÙ ÙÙŠ ØÙجر الذي هو راØÙ…Ùهْ
ÙØ¹Ø§Ø¯ ذبيØÙ الله ØÙ‚ّاً ولم تكنْ ØªØµØ§ÙØÙÙ‡ Ø¨ÙŠØ¶Ù Ø§Ù„Ø¸Ù‘ÙØ¨Ø§ وتسالمÙهْ
ÙØ¥Ù†Ù‘ÙŽ ØØ³ÙŠÙ†Ø§Ù‹ أسلَم Ø§Ù„Ù†ÙØ³ÙŽ ØµØ§Ø¨Ø± على Ø§Ù„Ø°Ø¨Ø ÙÙŠ سيÙ٠الذي هو ظالمÙهْ
ومÙÙ† دون دين الله جاد Ø¨Ù†ÙØ³ÙÙ‡ وكلّ Ù†Ùيس٠كي ØªÙØ´Ø§Ø¯ دعائمÙهْ
ورضّت قراه العاديات٠وصدرَه وسÙيقت على Ø¹ÙØ¬Ù المطايا كرائمÙهْ
الخصّيصة الخامسة
إنَّ الصبور Ù€ مهما صبر Ù€ قد لا ÙŠÙÙˆÙÙ‘ÙŽÙ‚ أن يقضي عمره وهو راسخ القدمين على Ø³Ø§ØØ© الصبر , Ùلا بدّ أن يعتريه الوهن والضع٠, والضجر والملل , والتأÙّ٠والتضجّر ÙÙŠ موقÙ٠ما , أو ÙÙŠ ØØ§Ù„ة٠عصيبة٠لا تتØÙ…ّلها Ù†ÙØ³Ù‡ .
أمّا أن يبدأ بالصبر , ويواصل ØÙŠØ§ØªÙ‡ على ما Ùيها من نكبات ÙÙŠ صبر , ويختمها ÙÙŠ أشدّ المØÙ† بصبر , ÙØ°Ù„Ùƒ Ø¹ÙØ±Ù به Ø§Ù„ØØ³ÙŠÙ† (صلوات الله عليه) . وقد كش٠الصبرَ Ø§Ù„ØØ³ÙŠÙ†ÙŠÙ‘ÙŽ تلك المصائب٠المهولة , ÙˆØ³Ø§ØØ© كربلاء قد ذÙهلت من صبر سيّد الشهداء وشجاعته . يقول الإمام الصادق (عليه السّلام) : (( ثلاثةٌ لا ØªÙØ¹Ø±Ù إلاّ ÙÙŠ ثلاثة مواطن Ø› لا ÙŠÙØ¹Ø±Ù الØÙ„يم إلاّ عند الغضب , ولا الشجاع إلاّ عند Ø§Ù„ØØ±Ø¨ , ولا أخٌ إلاّ عند Ø§Ù„ØØ§Ø¬Ø© ))(21) .
Ùقد ÙŠÙ†Ø¬Ø Ø§Ù„Ù…Ø±Ø¡ ÙÙŠ دخول الأمر الصعب ولكنّه لا يقوى على المواصلة ÙÙŠ التØÙ…ّل , وقد يواصل لكنّه لا يستطيع الثبات Ø› ÙØªØ±Ø§Ù‡ يهتزّ ويسقط . وقد يثبت ØÙŠÙ†Ø§Ù‹ لكنّه لا يختم ØÙŠØ§ØªÙ‡ بذلك , والخاتمة هي المعوّل عليه . قال النبيّ٠الأعظم (صلّى الله عليه وآله) : (( خير الاÙمور خيرها عاقبة(22) . ملاك العمل خواتيمه(23) . الاÙمور بتمامها , والأعمال بخواتمها ))(24) .
ولكي نتعرّ٠على صور مهيبة٠من صور الصبر Ø§Ù„ØØ³ÙŠÙ†ÙŠÙ‘ تعالوا نق٠عند هذه الواقعة : يقول المؤرّخون بعد ذكر شهادة Ø§Ù„Ø£ØµØØ§Ø¨ وأهل بيت
Ø§Ù„ØØ³ÙŠÙ† (عليه السّلام) , وبقائه ÙˆØÙŠØ¯Ø§Ù‹ ÙÙŠ Ø³Ø§ØØ© المعركة : تقدّم Ø§Ù„ØØ³ÙŠÙ† (عليه السّلام) Ù†ØÙˆ القوم مصلتاً سيÙÙ‡ , ÙØ¯Ø¹Ø§ الناسَ إلى البراز , Ùلم يزل يقتل كلَّ Ù…ÙŽÙ† برز إليه ØØªÙ‘Ù‰ قتل جمعاً كثيرا .
وبعد أن قتل مقتلةً عظيمة ØµØ§Ø Ø¹Ù…Ø±Ùˆ بن سعد : هذا ابن الأنزع البطين , هذا ابن قتّال العرب , اØÙ…لوا عليه من كلّ جانب . ÙØµÙˆÙ‘بت Ù†ØÙˆÙ‡ أربعة آلا٠نبلة , ÙØÙ…Ù„ (عليه السّلام) على الميمنة ØÙ…لة ليث٠مغضب , ÙˆØ¬Ø±Ø§ØØ§ØªÙ‡ تشخب دماً , ثمّ ØÙ…Ù„ على الميسرة ÙØªØ·Ø§ÙŠØ± العسكر من بين يديه , واتّجهوا Ù†ØÙˆ الخيام ... ثمّ ازدØÙ… عليه العسكر , ÙˆØ§Ø³ØªØØ±Ù‰ القتال وهو يقاتلهم ببأس٠شديد , وشجاعة٠لا مثيل لها .
قال عبد الله بن عمّار بن يغوث : ÙÙˆ الله ما رأيت٠مكثوراً قطّ قد Ù‚ÙØªÙ„ ولْدÙÙ‡ وأهل٠بيته ÙˆØµØØ¨Ù‡ أربطَ جأشاً منه , ولا أمضى جَناناً , ولا أجرأَ مقْدماً ! ولقد كانت الرجال تنكش٠بين يديه إذا شدَّ Ùيها , ولم يثبت له Ø£ØØ¯ .
ÙˆÙÙŠ Ø±ÙˆØ§ÙŠØ©Ù Ø§ÙØ®Ø±Ù‰ : ÙÙˆ الله ما رأيت مكسوراً قطّ قد Ù‚ÙØªÙ„ ولْده وأهل بيته ÙˆØ£ØµØØ§Ø¨Ù‡ أربطَ جأشاً ولا أمضى جَناناً منه , ولا أجرأ مقدماً ! والله ما رأيت قبله ولا بعده مثله Ø› أن كانت الرجّالة لتنكش٠من عن يمينه وشماله انكشا٠المعزى إذا شدَّ Ùيها الذئب .
قال ابن الأثير : المكثور : المغلوب , وهو الذي تتكاثر عليه الناس .
وقال آخر : ولقد كان ÙŠØÙ…Ù„ Ùيهم وقد تكاملوا ثلاثين Ø£Ù„ÙØ§Ù‹ , Ùينهزمون Ù…ÙÙ† بين يديه كأنّهم الجراد المنتشر , ثمّ يرجع إلى مركزه وهو يقول : (( لا ØÙˆÙ„ ولا قوة إلاّ بالله العليّ العظيم )).
هكذا ØØªÙ‘Ù‰ غدروا به Ø¨Ø§Ù„ØØ¬Ø§Ø±Ø© والسهام من بعيد , ÙØµØ¨Ø± وصابر :
إلى أن أتاه السهم٠مÙÙ† ÙƒÙÙ‘Ù ÙƒØ§ÙØ±Ù ألا خاب باريها وضَلَّ Ø§Ù„Ù…ØµÙˆÙ‘ÙØ¨Ù
ÙØ®Ø±Ù‘ÙŽ على وجه٠التراب٠لوجهÙÙ‡ كما خرّ Ù…ÙÙ† رأس الشناخيب أخشبÙ
وأعياه النز٠, ÙØ¬Ù„س على الأرض ينوء برقبته ... لا يرى منه إلاّ الصبر والرضا عن الله تعالى ÙÙŠ جميع قضائه .
قال الشيخ التستري : وأمّا صبره (عليه السّلام) كما ورد Ø› ولقد Ø¹Ø¬ÙØ¨ØªÙ’ من صبره ملائكة٠السماوات . ÙØªØ¯Ø¨Ù‘رْ ÙÙŠ Ø£ØÙˆØ§Ù„Ù‡ وتصوَّرها ØÙŠÙ† كان Ù…Ùلقىً على الثرى ÙÙŠ الرمضاء , مجرّØÙŽ Ø§Ù„Ø£Ø¹Ø¶Ø§Ø¡ بسهام٠لا تعدّ٠ولا ØªØØµÙ‰ , Ù…ÙØ·ÙˆØ± الهامة , مكسورَ الجبهة , مرضوضَ الصدر من السهام , مثقوب الصدر بذي الثلاث شعب Ø› سهمٌ ÙÙŠ Ù†ØØ±Ù‡ , وسهم ÙÙŠ ØÙ†ÙƒÙ‡ , وسهمٌ ÙÙŠ ØÙ„قه .
اللسان مجروØÙŒ من اللَّوك , ÙˆØ§Ù„ÙƒØ¨ÙØ¯ Ù…ØØªØ±Ù‚ , ÙˆØ§Ù„Ø´ÙØ§Ù‡ يابسة من الظمأ , القلب Ù…ØØ±ÙˆÙ‚ÙŒ من Ù…Ù„Ø§ØØ¸Ø© الشهداء ÙÙŠ أطراÙÙ‡ , ومكسورٌ من Ù…Ù„Ø§ØØ¸Ø© العيال ÙÙŠ الطر٠الآخر , الكÙّ٠مقطوعٌ من ضربة زرعة بن شريك , ÙˆØ§Ù„Ø±Ù…Ø ÙÙŠ الخاصرة , مخضّب اللØÙŠØ© والرأس , يسمع صوتَ الاستغاثات من عياله , والشماتات من أعدائه , بل الشتم ÙˆØ§Ù„Ø§Ø³ØªØ®ÙØ§Ù من الأطرا٠, ويرى بعينه إذا ÙØªØÙ‡Ø§ القتلى الموضوعة بعضها على بعض , ومع ذلك كلّه لم يتأوّه ÙÙŠ ذلك الوقت , ولم تقطر من عينه قطرة دمع , وإنّما قال : (( صبراً على قضائك , لا معبودَ سواك يا غياث المستغيثين )) . ÙˆÙÙŠ الزيارة : (( ولقد عجبتْ من صبرك ملائكة السماوات )) .
وروي عن السجّاد (عليه السّلام) : (( كلّما كان يشتدّ الأمر كان يشرق لونه , وتطمئنّ٠جوارØÙ‡ , Ùقال بعضهم : انظروا كي٠لا يبالي بالموت ØŸ! )) .
ــــــــــــــــــ
(1) Ø§ÙØµÙˆÙ„ الكاÙÙŠ 2 / 91 Ø 15 , باب الصبر .
(2) الكاÙÙŠ 2 / 91 Ø 11 .
(3) نهج البلاغة Ù€ قصار الØÙƒÙ… / 55 .
(4) نهج البلاغة Ù€ الØÙƒÙ…Ø© 31 .
(5) زيارة الناØÙŠØ© المقدّسة , المزار Ù€ للشيخ Ù…ØÙ…ّد ابن المشهدي / 501 .
(6) Ø¨ØØ§Ø± الأنوار 78 / 11 , عن مطالب السؤول .
(7) تØÙ العقول / 143 .
(8) تØÙ العقول / 163 .
(9) الكاÙÙŠ 2 / 88 Ø 3 Ù€ باب الصبر .
(10) مقتل Ø§Ù„ØØ³ÙŠÙ† (عليه السّلام) Ù€ للخوارزميّ 1 / 188 .
(11) اللهو٠/ 53 .
(12) اللهو٠/ 62 , ومقتل Ø§Ù„ØØ³ÙŠÙ† (عليه السّلام) Ù€ للخوارزميّ 1 / 226 .
(13) تاريخ الطبريّ 7 / 300 , وغيره كثير .
(14) اللهو٠/ 53 .
(15) مقتل Ø§Ù„ØØ³ÙŠÙ† (عليه السّلام) Ù€ للسيّد عبد الرزّاق المقرّم الموسويّ / 65 .
(16) ج 7 / 110 .
(17) أخرجه ابن عساكر ÙÙŠ تاريخ دمشق Ù€ ترجمة الإمام Ø§Ù„ØØ³ÙŠÙ† (عليه السّلام) .
(18) عيد الغدير / 287 ـ 288 .
(19) مقتل Ø§Ù„ØØ³ÙŠÙ† (عليه السّلام) Ù€ للمقرّم / 65 .
(20) الدرّ النضيد / 212 Ù€ 213 , والقصيدة للسيّد ØÙŠØ¯Ø± الØÙ„ّيّ .
(21) Ø¨ØØ§Ø± الأنوار 78 / 229 , عن تØÙ العقول / 233 .
(22) أمالي الصدوق / 292 .
(23) الاختصاص / 342 .
(24) Ø¨ØØ§Ø± الأنوار 77 / 165 , عن غوالي اللآلي 1 / 289 .