انصاره عليهم السلام
اهل بيته عليهم السلام

... قامت زينب بنت عليّ بن أبي طالب (عليه السلام) فقالت: الحمد للّه ربّ العالمين و صلى اللّه على رسوله و آله أجمعين صدق اللّه سبحانه كذلك يقول: {ثُمَّ كَانَ عَاقِبَةَ الَّذِينَ أَسَاءُوا السُّوأَى أَنْ كَذَّبُوا بِآيَاتِ اللَّهِ وَكَانُوا بِهَا يَسْتَهْزِئُونَ} [الروم: 10].
أظننت يا يزيد حيث أخذت علينا أقطار الارض Ùˆ آفاق السماء فأصبحنا نساق كما تساق الاسارى أن بنا على اللّه هوانا Ùˆ بك عليه كرامة Ùˆ انّ ذلك لعظم خطرك عنده؟ فشمخت بأنفك‏
Ùˆ نظرت في عطفك‏ جذلان مسرورا حيث رأيت الدنيا لك مستوثقة Ùˆ الامور متسقة Ùˆ حين صفا لك ملكنا Ùˆ سلطاننا.
فمهلا مهلا أنسيت قول اللّه عز Ùˆ جل: {وَلَا يَحْسَبَنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا أَنَّمَا نُمْلِي لَهُمْ خَيْرٌ لِأَنْفُسِهِمْ إِنَّمَا نُمْلِي لَهُمْ لِيَزْدَادُوا إِثْمًا وَلَهُمْ عَذَابٌ مُهِينٌ } [آل عمران: 178] Ø£ من العدل يا بن الطلقاء تخديرك حرائرك Ùˆ امائك Ùˆ سوقك بنات رسول اللّه سبايا، قد هتكت ستورهن، Ùˆ أبديت وجوههن، تحدو بهن الاعداء من بلد الى بلد، Ùˆ يستشرفهن أهل المناهل Ùˆ المناقل، Ùˆ يتصفح وجوههن القريب Ùˆ البعيد Ùˆ الدني Ùˆ الشريف، ليس معهنّ من رجالهن Ùˆ لا من حماتهن حمي، Ùˆ كيف يرتجى مراقبة من لفظ فوه أكباد الازكياء Ùˆ نبت لحمه من دماء الشهداء Ùˆ كيف لا يستبطأ في بغضنا أهل البيت من نظر إلينا بالشنف Ùˆ الشنآن‏ Ùˆ الاحن Ùˆ الأضغان، ثم تقول غير متأثم Ùˆ لا مستعظم:
لا هلوا Ùˆ استهلوا فرحا ثم قالوا يا يزيد لا تشل‏
منتحيا على ثنايا ابي عبد اللّه سيد شباب أهل الجنة، تنكتها بمخصرتك و كيف لا تقول ذلك و قد نكأت القرحة و استأصلت الشأفة باراقتك دماء ذريّة محمد (صلى الله عليه واله)و نجوم الارض من آل عبد المطلب، و تهتف بأشياخك زعمت انك تناديهم، فلتردنّ وشيكا موردهم و لتودنّ انّك شللت و بكمت و لم تكن قلت ما قلت و فعلت ما فعلت.
اللهم خذ لنا بحقنا Ùˆ انتقم ممن ظلمنا Ùˆ احلل غضبك بمن سفك دماءنا Ùˆ قتل حماتنا، فو اللّه ما فريت‏ الّا جلدك Ùˆ لا حززت الّا لحمك Ùˆ لتردن على رسول اللّه (صلى الله عليه واله)بما تحملت من سفك دماء ذريته Ùˆ انتهكت من حرمته في عترته Ùˆ لحمته حيث يجمع اللّه شملهم ويلم شعثهم Ùˆ يأخذ بحقهم: {وَلَا تَحْسَبَنَّ الَّذِينَ قُتِلُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ أَمْوَاتًا بَلْ أَحْيَاءٌ عِنْدَ رَبِّهِمْ يُرْزَقُونَ } [آل عمران: 169].
و حسبك باللّه حاكما، و بمحمد خصيما، و بجبرئيل ظهيرا، و سيعلم من سوّل لك و مكّنك من رقاب المسلمين بئس للظالمين بدلا و أيّكم شرّ مكانا و أضعف جندا.
Ùˆ لئن جرت عليّ الدواهي مخاطبتك انّي لاستصغر قدرك، Ùˆ أستعظم تقريعك، Ùˆ استكثر توبيخك، لكنّ العيون عبرى Ùˆ الصدور حرى، ألا فالعجب كل العجب لقتل حزب اللّه النجباء بحزب الشيطان الطلقاء، فهذه الايدي تنطف‏ من دمائنا Ùˆ الأفواه تتحلّب من لحومنا، Ùˆ تلك الجثث الطواهر الزواكي تنتابها العواسل‏ Ùˆ تعفرها أمّهات الفراعل‏ .
Ùˆ لئن اتخذتنا مغنما لتجدنا وشيكا مغرما حين لا تجد الّا ما قدمت يداك Ùˆ ما ربك بظلام للعبيد، فالى اللّه المشتكى Ùˆ عليه المعول، فكد كيدك واسع سعيك Ùˆ ناصب جهدك فو اللّه لا تمحو ذكرنا Ùˆ لا تميت وحينا Ùˆ لا تدرك أمدنا Ùˆ لا ترحض‏ عنك عارها، Ùˆ هل رأيك الّا فند Ùˆ أيامك الّا عدد Ùˆ جمعك إلّا بدد، يوم ينادي المنادي: ألا لعنة اللّه على الظالمين. فالحمد للّه رب العالمين الذي ختم لأولنا بالسعادة Ùˆ المغفرة Ùˆ لآخرنا بالشهادة Ùˆ الرحمة، Ùˆ نسأل اللّه أن يكمل لهم الثواب Ùˆ يوجب لهم المزيد Ùˆ يحسن علينا الخلافة انّه رحيم ودود Ùˆ حسبنا اللّه Ùˆ نعم الوكيل‏ .
فعظم على يزيد كلام زينب (عليها السلام)و استشاط غضبا و أراد أن يلفّق لنفسه عذرا فأشار الى أنّ النوائح يقلن شعرا، و هذا القسم من الكلام يغفر لهنّ و لا يعاقبن عليه فقال لعنه اللّه:
يا صيحة تحمد من نوائح‏ ما أهون النوح على النوائح‏
ثم استشار أهل الشام فيما يصنع بهم، فأشاروا عليه بقتلهم و قالوا له الكلمة الخبيثة التي طويت كشحا عن نقلها، فقال النعمان بن بشير: انظر ما كان الرسول يصنع بهم فاصنعه بهم.
قال المسعودي (في اثبات الوصية): فابتدر أبو جعفر (الباقر) (عليه السلام) الكلام- و كان عمره الشريف آنذاك سنتان و أشهر- فحمد اللّه و أثنى عليه، ثم قال ليزيد:
لقد أشار عليك هؤلاء بخلاف ما أشار جلساء فرعون عليه حيث شاورهم في موسى Ùˆ هارون فانهم قالوا له: «Ø£Ø±Ø¬Ù‡ Ùˆ أخاه» Ùˆ قد اشار هؤلاء عليك بقتلنا Ùˆ لهذا سبب.
فقال يزيد: ما السبب؟ فقال: انّ هؤلاء كانوا لرشدة (ابناء الحلال) و هؤلاء لغير رشدة (أولاد زنا) و لا يقتل الأنبياء و أولادهم الّا أولاد الأدعياء، فأمسك يزيد مطرقا .