كان لنهضة مسلم موعد مضروب بينه وبين الناس ØŒ ولم يزل هو ومن بايعه يتأهبون لذلك الأجل من تعبئة الرجال ØŒ وتهيئة العتاد ØŒ ورسم خطط Ø§Ù„ØØ±Ø¨ الأخذ بالتدابير اللازمة ØŒ غير أن الأمر باغته بالقبض على هاني وهو آخذ بعضده ØŒ وموئل رأيه ØŒ ÙˆÙÙŠ داره قاعدة ولايته ØŒ ومركز سلطته ØŒ ÙØ§Ø¶Ø·Ø±Ù‘ت Ø§Ù„ØØ§Ù„Ø© « مسلما » أن يتعجّل الخروج قبل الأجل Ù…Ø®Ø§ÙØ© أن يؤخذ غيلة ولعله ينقذ ØµØ§ØØ¨Ù‡ من مخلب الظالم وقد أسلمته عشيرته.
وكان رسوله الى القصر عبدالله بن ØØ§Ø²Ù… الكبريّ من الأزد من بني كبير (1) ليأتيه بخبر هاني ØŒ ÙØ¹Ø±Ù‘ÙÙ‡ ØØ¨Ø³Ù‡ وأن نسوة مراد مجتمعات ينادين واثكلاه واعثرتاه ÙØ¹Ù†Ø¯Ù‡Ø§ أمره أن ينادي ÙÙŠ Ø£ØµØØ§Ø¨Ù‡ : « يا منصور أمت » (2) وقد ملأبهم الدور ØÙˆÙ„Ù‡ ØŒ وتنادى أهل Ø§Ù„ÙƒÙˆÙØ© بذلك الشعار ÙØ§Ø¬ØªÙ…ع اليه أربعة Ø¢Ù„Ø§Ù ÙØ¹Ù‚د راية لعبيد الله بن عمرو بن عزيز الكندي على ربع كندة وربيعة وأمّره على الخيل ØŒ وراية لمسلم بن عوسجة الأسدي على ربع Ù…Ø°ØØ¬ واسد وأمّره على الرّجالة ØŒ وراية لأبي ثمامة الصائدي على ربع تميم وهمدان ØŒ وراية للعباس بن جعدة الجدلي على ربع المدينة.
ثم أقبل مسلم (عليه السلام) بهؤلاء الجمع الى القصر وكان ابن زياد ÙÙŠ الجامع الأعظم يخطب الناس ÙØ¯Ø®Ù„ت النظارة المسجد من باب التمارين يهتÙون بمجيء ابن عقيل ÙØ±Ø§Ø¹ ذلك ابن زياد ØŒ وأسرع الى القصر وأغلق أبوابه.
واجتمع الناس ØØªÙ‰ امتلأ المسجد والسوق منهم ÙˆØ£ØØ§Ø·ÙˆØ§ بالقصر وضاق بابن زياد ذرعه إذ لم يكن معه إلا ثلاثون رجلا من الشرطة وعشرون رجلا من أشرا٠الناس وأهل بيته ومواليه (3).
Ùكان أسهل شيء على اولئك الدارعين الا جهاز على ابن مرجانة ومن معه لأول وهلة ÙÙŠ طليعة الزØÙ ÙˆÙÙŠ القوم مساعير Ù„Ù„ØØ±Ø¨ ØŒ ولعل منهم من لا يروعه التقØÙ‘Ù… على أولئك Ø§Ù„Ù†ÙØ± المعدودين بالأنامل ولم يكن لابن زياد ÙÙŠ ذلك الوقت غير قعقعة الارهاب ØŒ وما أدري كي٠انطلت هذه البهرجة على ذوي البصائر بشؤون المصر الواقÙين على ما ÙÙŠ أرجائه من قلاقل ÙˆÙÙŠ أجوائه من Ù…ØÙ† وإØÙ†ØŸ
ولكن لا عجب من أذناب الكوÙيين إذا مالوا مع عصبة الشيطان بمجرد أن سمعوا ابن لأشعث ÙˆØØ¬Ø§Ø± بن أبجر وشمر بن ذي الجوشن يمنّونهم العطاء مع الطاعة ويهدّدونهم بجند الشام الموهوم ØŒ وأشر٠عليهم كثير بن شهاب ØÙŠÙ† كادت الشمس أن تغرب وقال : أيها الناس الØÙ‚وا بأهاليكم ولا تعجلوا الشر ØŒ Ùˆ لا تعرضوا Ø£Ù†ÙØ³ÙƒÙ… للقتل ÙØ¥Ù† هذه جنود أمير المؤمنين يزيد قد أقبلت وقد أعطى الله الأمير عهدا لئن أتممتم على ØØ±Ø¨ÙƒÙ… ولم تنصرÙوا من عشيّتكم أن ÙŠØØ±Ù… ذرّيّتكم العطاء ويÙوّق مقاتلتكم ÙÙŠ مغازي الشام على غير طمع ØŒ وأن يأخذ البري بالسقيم والغائب بالشاهد ØØªÙ‰ لا يبقى Ùيكم بقية من أهل المعصية إلا ذاق وبال ما جرّت يده (4).
ÙØ·Ùقق الأخ يخذل أخاه والمرأة تتعلّق بزوجها ØØªÙ‘Ù‰ يرجع ØŒ والآباء ÙŠÙØµÙ„ون أبناءهم عن الجهاد ÙˆÙŠØØ¨Ø°ÙˆÙ† لهم العاÙية شأن أذناب الناس الدقاق ØØ³Ø¨Ø§Ù‹ Ø§Ù„Ø¶Ø¹ÙØ§Ø¡ ØÙ„وماً.
ÙØªÙرق أولئك الجمع عن مسلم (عليه السلام) ØØªÙ‰ لم يبق معه إلا ثلثمائة رجل وصلى العشاء بالمسجد ومعه ثلاثون رجلا وانصر٠نجو كندة (5) ومعه ثلاثة ولم يمض إلا قليلا وإذا لم يشاخد Ø£ØØ¯Ø§ يدلّه على الطريق Ùنزل عن ÙØ±Ø³Ù‡ ومشى متلدّدا ÙÙŠ أزقة Ø§Ù„ÙƒÙˆÙØ© (6) لا يدري إلى أين يتوجّه (7).
انّ من العجيب الغريب أمير مصر ÙŠØªÙØ±Ù‚ عنه جنده ØŒ ووالي قارّة أسلمته أنصاره ØŒ لماذا كان ذلك؟ للاوهام Ùˆ التهاÙهات ØŒ أو للمطامع الشهوات؟ أين النخوة والØÙاط؟ أين الاباء والØÙ…ية؟ أيظنون أنهم لو انضووا الى راية الهدى ÙŠØØ±Ù…هم ØµØ§ØØ¨Ù‡ الاعطاء؟ أو يضن عليهم Ø¨Ø§Ù„ÙˆØ¸Ø§Ø¦ÙØŸ أو يقيم الØÙ‚ بغيرهم؟ لا ها الله ما كان يدّخر الاعطيات إلا لهم ØŒ ولا ينضد الكراسي بمن عداهم ØŒ ولا قيادة الجيوش إلا بهم ØŒ ولو عدلوا لما استلم الØÙƒÙ… سواهم.
لكن خسّة الطباع ولؤم العنصر ØØ§Ù„ا دون أن ÙŠØØ¶ÙˆØ§ Ø¨Ø§Ù„Ø´Ø±Ù ÙˆØ¶Ø§Ø ÙˆØ§Ù„Ø³Ø¹Ø§Ø¯Ø© ÙÙŠ الدنيا والآخرة ÙØ§Ø³ØªÙ…رأوا أجاج الأمويين ØªØØª راية ابن مرجانة ØŒ وتركوا التاريخ يذكرهم مناÙيات المروءة والØÙاظ ولوازم قول الزور ÙˆØ®ÙØ± الذمم « ولعذاب الله أكبر لو كانوا يعلمون ».
خطبة ابن زياد :
لما ØªÙØ±Ù‚ الناس عن مسلم (عليه السلام) وسكن لغطهم ولم يسمع ابن زياد أصوات الرجال أمر من معه ÙÙŠ القصر أن يشرÙوا على ظلال المسجد لينظروا هل كمنوا Ùيها. Ùكانوا يدلون القناديل ويشعلون النار ÙÙŠ القصب ويدلونها Ø¨Ø§Ù„ØØ¨Ø§Ù„ الى أن تصل الى صØÙ† الجامع ØŒ ÙˆÙØ¹Ù„وا ذلك بالظلة التي Ùيها المنبر Ùلم يروا Ù„Ø£ØµØØ§Ø¨ ابن عقيل أثرا ØŒ ÙØ£Ø¹Ù„موا ابن مرجانة ÙØ£Ù…ر مناديه أن ينادي ÙÙŠ الناس ليجتمعوا ÙÙŠ المسجد ØŒ ولما امتلأ المسجد بهم رقي المنبر وقال : ان ابن عقيل قد أتى ما قد علمتم من الخلا٠والشقاق ÙØ¨Ø±Ø¦Øª الذمة من رجل وجدناه ÙÙŠ داره ØŒ ومن جاء به Ùله ديته ØŒ اتقو الله عباد الله والزموا طاعتكم وبيعتكم ØŒ ولا تجعلوا على Ø£Ù†ÙØ³ÙƒÙ… سبيلا.
الى السجن :
ثم أمر ابن زياد ØµØ§ØØ¨ شرطته Ø§Ù„ØØµÙŠÙ† بن تميم أن ÙŠÙØªÙ‘Ø´ الدور والسكك ØŒ ÙˆØØ°Ù‘ره Ø¨Ø§Ù„ÙØªÙƒ الذريع اذا Ø£Ùلت مسلم وخرج من Ø§Ù„ÙƒÙˆÙØ© (8).
Ùقام Ø§Ù„ØØµÙŠÙ† بهذه المهمة ÙØ¨Ø«Ù‘ العيون ووضع Ø§Ù„ØØ±Ø³ على Ø£Ùواه السكك ØŒ وتتبّع الأشرا٠الناهظين مع مسلم Ùقبض على عبد الأعلى بن يزيد الكلبي وعمارة بن صلخب الأزدي ÙØØ¨Ø³Ù‡Ù…Ø§ ثم قتلهما.
ÙˆØØ¨Ø³ جماعة من الوجوه Ø§Ø³ØªÙŠØØ§Ø´Ø§ منهم وكان Ùيهم المختار الثقÙÙŠ وعبد الله بن نوÙÙ„ بن Ø§Ù„ØØ§Ø±Ø« بن عبدالمطلب (9) وقد خرجا لنصرة ابن عقيل ØŒ وكان المختار عند خروج مسلم ÙÙŠ قرية له تدعى « Ù„Ù‚ÙØ§ » ÙØ¬Ø§Ø¡ بمواليه ÙŠØÙ…Ù„ راية خضراء ØŒ ويØÙ…Ù„ عبدالله بن Ø§Ù„ØØ§Ø±Ø« راية ØÙ…راء وانتهيا الى باب الÙيل (10) ÙˆÙˆØ¶Ø Ù„Ù‡Ù…Ø§ قتل مسلم وهاني ØŒ واشير عليهما بالدخول ØªØØª راية عمرو بن ØØ±ÙŠØ« ÙÙØ¹Ù„ا وشعد لهما ابن ØØ±ÙŠØ« باجتنابهما مسلما (عليه السلام). ÙØ£Ù…ر ابن زياد Ø¨ØØ¨Ø³Ù‡Ù…ا بعد أن شتم المختار واستعرض وجهه بالقضيب ÙØ´ØªØ± عينه وبقيا ÙÙŠ السجن الى أن قتل Ø§Ù„ØØ³ÙŠÙ† (عليه السلام).
ولما Ø£ØØ¶Ø± سبي آل Ù…ØÙ…د (صلى الله عليه واله) ÙÙŠ مجلسه أخرج المختار من Ø§Ù„ØØ¨Ø³ شامتا منه ØŒ ÙˆÙØ±ØØ§ بما ÙŠØØ¨Ø³Ù‡ من Ø§Ù„Ø¸ÙØ± ØŒ وإذ رأى المختار هيئة منكرة Ø²ÙØ± Ø²ÙØ±Ø© كادت روØÙ‡ أن تخرج Ùيها ØŒ ولم يثن هذا من عزمه ولا أوهن من عقيدته ØŒ ÙØ£ØºÙ„ظ لابن زياد ÙÙŠ كلام جرى بينهما (11) وعرّÙÙ‡ بالعقيدة التي ÙŠØÙ…لها من مصدر وثيق بأن ايامه عدد ومÙلكه بدد وسيلقى خزيا وبوارا يكون ذلك على يده.
ÙØ§Ø¶ØÙƒ ابن زياد هذا النبأ من أسير ØªØØª قبضته ØŒ وليس له مساعد له ÙŠØØ°Ø± سطوته خصوصا يرى أعناق الأشرا٠ذللا Ù†ØÙˆÙ‡ وقد ملأ السجن بمن يتØÙّز لنخوته ØŒ ÙØ£Ø±Ø¬Ø¹Ù‡ الى السجن ولم يطلق سراØÙ‡ إلا Ø¨Ø´ÙØ§Ø¹Ø© عبدالله بن عمر بن الخطاب عند يزيد لاقترانه من « صÙية » ابنة أبي عبيد الثقÙÙŠ أخت المختار.
ولما خطب ابن زياد بعد قتل ابن عÙي٠الأزدي ونال من أمير المؤمنين Ø¨ØØ¶Ø±Ø© اولئك الأجلا٠من الكوÙيين ØŒ ولم يلق منهم رادا عليه غير المختار ØŒ Ùقد ثار ÙÙŠ وجهه شاتما ÙˆÙ…Ø¹Ø±Ù‘ÙØ§ بأن اللصيق لم يستØÙ‚ من الإمارة موطأ قدم وان أهلها العاملون بالØÙ‚ السالكون بالأمة طريق الجد المهذّبون المرشدون كابن عقيل ومن ØØ°Ø§ ØØ°ÙˆÙ‡ من أهل هذا البيت الطاهر.
ÙØ£Ù…ر ابن مرجانة بقتله غير أن عمر بن سعد تشÙّع Ùيه لأنه كان صهره على أخته ØŒ أولدت له ØÙصا ØŒ ÙØ£Ø±Ø¬Ø¹Ù‡ الى السجن ثم ØªØ´ÙØ¹ Ùيه ثانيا عبدالله بن عمر عند
يزيد Ùكتب الى ابن زياد يأمره بأطلاقه ÙØ£Ø®Ø±Ø¬Ù‡ من السجن على أن لا يساكنه ÙÙŠ البلد (12).
______________
1) الطبري ج6 ص208.
2) منصور رئيس الملائكة الذين نزلوا لنصرة النبي يوم بدر وكان شعار المسلمين يا منصور أمت.
3) ابن الاثير ج4 ص12.
4) الطبري ج6 ص208.
5) الأخبار الطوال ص240.
6) الشريشيّ ÙÙŠ Ø´Ø±Ø Ù…Ù‚Ø§Ù…Ø§Øª Ø§Ù„ØØ±ÙŠØ±ÙŠÙ‘ ج1 ص192.
7) اللّهو٠لابن طاووس.
8) الطبري ج6 ص209.
9) المصدر ، ص208 وص214 وص215.
10) أنساب الأشرا٠للبلاذري ج5 ص215.
11) رياض Ø§Ù„Ø£ØØ²Ø§Ù† ص52 عن روضة الشهداء.
12) المصدر ص58 عن روضة Ø§Ù„ØµÙØ§.