شبهات و ردود

لماذا لا بدّ من إحياء حادثة قد مر عليها ما يناهز 1360 عاماً ؟
ولماذا لا بدّ من إقامة مراسم الإحياء لهذه الذكرى ؟ إنها حادثة تاريخيّة قد تقادم عليها الزمن ، وسواء أكانت مُرّة أم حلوة فإنها قد انتهت ؛ فلماذا بعد مرور ما يقرب من أربعة عشر قرناً نلجأ إلى إحياء ذكرى هذه الحادثة ونقيم مراسم لذلك ؟
إنّ الجواب على هذا السؤال ليس عسيراً جداً ؛ لأنّه من الممكن أن نبيّن لأيّ شاب أنّ الحوادث الماضية في كل مجتمع يمكن أن تكون لها آثار ضخمة في مصير ذلك المجتمع ومستقبله ، وإحياء تلك الحوادث هو في الواقع لون من إعادة النظر والصياغة الجديدة لتلك الحادثة حتّى يتيسر للناس أن ينتفعوا منها ؛ فإذا كانت الحادثة نافعة عند حدوثها ، وكانت منشأ لآثار طيّبة وبركات كثيرة فإنّ إعادة النظر إليها وإعادة صياغتها يمكن أن تكون منشأ لكثير من المنافع .
وعلاوة على ذلك فقد اعتادت المجتمعات البشرية على أن تقوم بإحياء حوادث الماضي بشكل من الأشكال ، وأن تجلّها وتضفي عليها ألواناً من الاحترام والتقدير ؛ سواء أكانت تلك الحوادث متعلقة بأشخاص كان لهم دور مؤثر في رقي مجتمعاتهم كالعلماء والمكتشفين ، أم كانت متعلقة بأشخاص تميّزوا بدور حسّاس في تحرير اُممهم من الناحية السياسيّة والاجتماعيّة وأصبحوا أبطالاً وطنيين .
إنّ جميع العقلاء في العالم يحيون ذكريات مثل هذه الشخصيات البارزة ، ويتم هذا الأمر حسب واحدة من أقدس الرغبات الفطرية التي أودعها الله سبحانه في أعماق جميع الناس ، ويعبّر عنها بـ (حس الاعتراف بحق الآخر , أو الاعتراف بالجميل للآخر) .
فهناك رغبة فطرية موجوده في أعماق جميع الناس وهي تدفعهم للاعتراف بحقِّ مَن أسدى إليهم خدمة ، وعليهم أن يتذكّروها ويحترموا ذكراها ، وبذلك ستكون الأفعال العظيمة لتلك الشخصيات قد تجددت .
ولما كنّا نعتقد أنّ وقعة عاشوراء كانت حادثة عظيمة في تاريخ الإسلام ، وكان لها دور مصيري في سعادة المسلمين وتبيين سبيل الهداية للناس ؛ لهذا أصبحت تلك الواقعة ذات قيمة عظيمة عندنا ، ويغدوا إحياؤها وتذكّرها وإعادة صياغتها أمراً لا يمكن التفريط به ؛ لأنّ بركات ذلك سوف تشمل مجتمعنا المعاصر .