شبهات و ردود

ذكرنا ـ في كتابنا مقتل أبي عبد الله الحسين (عليه السلام) من موروث أهل الخلاف ـ تراجم قتلة الإمام الحسين (عليه السلام) ، وأقوال أهل الخلاف الدالة على التوثيق والثناء والإطراء لهم ، وذكرنا أقوال الشيعة ـ الاثني عشريّة ـ الصريحة في البراءة منهم واللعن عليهم ؛ وكلّ ذلك لنرى مدى ارتباط أهل الخلاف بقتلة الإمام الحسين (عليه السلام) وبمَن خالف وعادى أهل البيت (عليهم السلام) ، ومدى براءة الشيعة منهم ، ونذكر هنا شيئاً من تلك التراجم .
عمرو بن حريث المخزومي القرشي
من أنصار بني اُميّة ، وممّن خرج على مسلم بن عقيل (عليه السلام) ، و . . .
قال ابن كثير والطبري ، واللفظ للأوّل :
وبعث ابن زياد عمرو بن حريث المخزومي ـ وكان صاحب شرطته ـ ومعه عبد الرحمن ومحمّد بن الأشعث ، في سبعين أو ثمانين فارساً ، فلمْ يشعر مسلم بن عقيل إلاّ وقد أُحيط بالدار التي هو فيها ، فدخلوا عليه فقام إليهم بالسيف ، فأخرجهم من الدار ثلاث مرّات ، وأصيبت شفته العليا والسفلى ، ثمّ جعلوا يرمونه بالحجارة ويلهبون النار في أطناب القصب ، فضاق بهم ذرعاً فخرج إليهم بسيفه فقاتلهم(1) .
أقوال أهل الخلاف فيه
قال فيه الذهبي وابن حجر ، واللفظ للأوّل :
عمرو بن حريث بن عمرو بن عثمان بن عبد الله بن عمر بن مخزوم المخزومي ، أخو سعيد بن حريث . كان عمرو من بقايا أصحاب رسول الله (صلّى الله عليه وآله) الذين كانوا نزلوا الكوفة ، مولده قبيل الهجرة ، له صحبة ورواية . ورُوى أيضاً عن أبي بكر الصديق وابن مسعود ، حدَّث عنه : ابنه جعفر والحسن العرني ، والمغيرة بن سبيع والوليد بن سريع ، وعبد الملك بن عمير وإسماعيل بن أبي خالد وآخرون ، وآخر من رآه رؤية خلف بن خليفة ، توفّي سنة خمس وثمانين ، ثمّ قال الواقدي : ثمّ ولي الكوفة لزياد بن أبيه ، ولابنه عبيد الله ابن زياد(2) .
وقال فيه ابن حبّان في مشاهير علماء الأمصار وكتاب الثقات ، واللفظ من الأوّل : عمرو بن حريث بن عمرو المخزومي القرشي ، أبو سعيد ، كان مولده يوم بدر ، مات سنة خمس وثمانين(3) .
وقال فيه البخاري : عمرو بن حريث ، أبو سعيد المخزومي القرشي (رضي الله عنه) سكن الكوفة(4) .
وقال العجلي في معرفة الثقات : عمرو بن حريث المخزومي كوفي من أصحاب النبيّ (صلّى الله عليه وآله)(5) . عمرو بن حريث عند الشيعة ملعون ناصبي .
قال فيه السيّد عليّ البروجردي (قدّس سرّه) :
عمرو بن حريث ، من أصحاب أمير المؤمنين (عليه السلام) ، عدوُّ الله تعالى ملعون(6) .
وقال فيه السيّد الموحد الأبطحي (قدّس سرّه) : فإنّ عمراً هو الذي ذكره الشيخ في الصحابة، وأيضاً في أصحاب أمير المؤمنين (عليه السلام) قائل: عمرو بن حريث عدوّ الله ، ملعون . قلت : وجناياته وظلمه على آل محمّد (عليهم السلام) معروفة(7) .
وقال فيه السيّد الخوئي (قدّس سرّه) :
عمرو بن حريث : من أصحاب رسول الله (صلّى الله عليه وآله) ، رجال الشيخ ، وعدَّه في أصحاب عليّ (عليه السلام) أيضاً قائلاً : عمرو بن حريث عدوُّ الله ملعون . ويأتي في ترجمة ميثم التمّار خروج كلمة كبيرة من فيه ، قاتله الله(8) .
وما أشار إليه السيّد الخوئي (قدّس سرّه) ، وقال : إنّه يأتي في ترجمة ميثم . . . هو ما رُوي عن أبي الحسن الرضا (عليه السلام) ، عن أبيه ، عن آبائه (صلوات الله عليهم) ، قال : أتى ميثم التمّار دار أمير المؤمنين (عليه السلام) ، فقِيل له : إنّه نائم ، فنادى بأعلى صوته : انتبه أيُّها النائم ! فو الله ، لتخضبنّ لحيتك من رأسك . فانتبه أمير المؤمنين (عليه السلام) ، فقال : (( أدخلوا ميثماً )) . فقال له : أيُّها النائم ! والله لتخضبنَّ لحيتك من رأسك . فقال (عليه السلام) : (( صدقت ، وأنت والله لتُقطعنَّ يداك ورجلاك ولسانك ، وليُقطعنّ من النخلة التي بالكناسة ، فتشقّ أربع قطع : فتصلب أنت على ربعها ، وحجر بن عدي على ربعها ، ومحمّد بن أكثم على ربعها ، وخالد بن مسعود على ربعها )) .
قال ميثم : فشككت في نفسي ، وقلت : إنّ عليّاً (عليه السلام) ليخبرنا بالغيب ، فقلت له : أو كائن ذلك يا أمير المؤمنين ؟ فقال (عليه السلام) : (( إيْ وربِّ الكعبة ، كذا عهده إليَّ النبيّ (صلّى الله عليه وآله) )) .
قال ، فقلت : ومَن يفعل ذلك بي يا أمير المؤمنين ؟ فقال (عليه السلام) : (( ليأخذنّك العتل الزنيم ، ابن الأمة الفاجرة عبيد الله بن زياد )) .
قال : وكان يخرج إلى الجبانة وأنا معه ، فيمرُّ بالنخلة فيقول لي : يا ميثم ، إنّ لك ولها شأناً من الشأن .
قال : فلمَّا ولي عبيد الله بن زياد الكوفة ، ودخلها تعلَّق عَلَمُه بالنخلة التي بالكناسة فتخرَّق ، فتطيَّر من ذلك فأمر بقطعها ، فاشتراها رجل من النجارين فشقَّها أربع قطع .
قال ميثم ، فقلت لصالح ابني : فخذ مسماراً من حديد فانقش عليه اسمي واسم أبي ، ودقَّه في بعض تلك الأجذاع .
قال : فلمَّا مضى بعد ذلك أيّام أتى قوم من أهل السوق ، فقالوا : يا ميثم ، انهض معنا إلى الأمير نشكو إليه عامل السوق ، ونسأله أنْ يعزله عنَّا ويولِّي علينا غيره .
قال: وكنت خطيب القوم فنصت لي وأعجبه منطقي ، فقال له عمرو بن حريث : أصلح الله الأمير ! تعرف هذا المتكلِّم؟ قال: ومَن هو؟ قال : هذا ميثم التمّار الكذّاب، مولى الكذّاب عليّ بن أبي طالب (عليه السلام) .
قال : فاستوى جالساً فقال لي : ما يقول ؟ فقلت : كذب أصلح الله الأمير ! بل أنا الصادق مولى الصادق عليّ بن أبي طالب (عليه السلام) أمير المؤمنين حقّاً .
فقال لي : لتبرأنَّ من عليّ (عليه السلام) ، ولتذكرنَّ مساويه وتتولَّى عثمان وتذكر محاسنه ، أو لأقطعنَّ يديك ورجليك و لأصلبنَّك . فبكيت ، فقال لي : بكيت من القول دون الفعل ؟ فقلت : والله ، ما بكيت من القول ولا من الفعل ، ولكنّي بكيت من شكّ كان دخلني يوم خبَّرني سيِّدي ومولاي . فقال لي : وما قال لك مولاك ؟
قال ، فقلت : أتيت الباب فقِيل لي : إنّه نائم . فناديت : انتبه أيُّها النائم ! فو الله ، لتخضبنَّ لحيتك من رأسك . فقال (عليه السلام) : (( صدقت ، وأنت والله لتُقطعنَّ يداك ورجلاك ولسانك ولتُصلبنّ )) . فقلت : ومَن يفعل ذلك بي يا أمير المؤمنين ؟ فقال : (( يأخذك العتل الزنيم ، ابن الأمَة الفاجرة عبيد الله بن زياد )) .
قال : فامتلأ غيظاً ، ثمّ قال لي : والله لأقطعنَّ يديك ورجليك ، و لأدعنَّ لسانك حتّى أكذبك وأكذب مولاك ، فأُمر به فقطعت يداه ورجلاه ، ثمّ أُخرج وأُمر به أنْ يُصلب ، فنادى بأعلى صوته : أيُّها الناس ، مَن أراد أنْ يسمع الحديث المكنون عن عليّ بن أبي طالب (عليه السلام) ؟ قال : فاجتمع الناس وأقبل يحدِّثهم بالعجائب .
قال : وخرج عمرو بن حريث وهو يريد منزله ، فقال : ما هذه الجماعة ؟ فقالوا : ميثم التمّار يحدِّث الناس عن عليّ بن أبي طالب (عليه السلام) .
قال : فانصرف مسرعاً فقال : أصلح الله الأمير ! بادر وابعث إلى هذا مَن يقطع لسانه ، فإنّي لست آمن أنْ تتغيَّر قلوب أهل الكوفة ، فيخرجوا عليك .
قال : فالتفت إلى حرسيّ فوق رأسه ، فقال : اذهب فاقطع لسانه .
قال : فأتاه الحرسيّ فقال له : يا ميثم . قال : ما تشاء ؟ قال : أخرج لسانك فقد أمرني الأمير بقطعه . قال ميثم : ألاَ زعم ابن الأمَة الفاجرة أنّه يكذّبني ويكذّب مولاي ، هاك لساني ؟!
قال : فقطع لسانه فتشحَّط ساعة في دمه ، ثمّ مات وأمر به فصُلب .
قال صالح : فمضيت بعد ذلك بأيّام فإذا هو صُلب على الربع الذي كنت دققت فيه المسمار(9) .
عزرة بن قيس الأحمسي
من رؤساء قتلة الإمام الحسين (عليه السلام) ، وممّن كتب إليه (عليه السلام) ، وممّن أصرَّ على ما هو عليه حين نصحه زهير بن القين (قدّس سرّه) ، و . . .
فقد روى الطبري ، قال :
قال أبو مخنف : حدَّثني فضيل بن خديج الكندي ، عن محمّد بن بشر ، عن عمرو الحضرمي ، قال : لمَّا خرج عمر بن سعد بالناس ، كان على ربع أهل المدينة يومئذ عبد الله بن زهير بن سليم الأزدي ، وعلى ربع مذحج وأسد عبد الرحمن ابن أبي سبرة الحنفي ، وعلى ربع ربيعة وكندة قيس بن الأشعث بن قيس ، وعلى ربع تميم وهمدان الحرّ بن يزيد الرياحي ، فشهد هؤلاء كلّهم مقتل الحسين إلاّ الحرّ بن يزيد ، فإنّه عدل إلى الحسين (عليه السلام) وقتل معه ، وجعل عمر على ميمنته عمرو بن الحجّاج الزبيدي ، وعلى ميسرته شمر بن ذي الجوشن بن شرحبيل بن الأعور بن عمر بن معاوية ـ وهو الضباب بن كلاب ـ وعلى الخيل عزرة بن قيس الأحمسي ، وعلى الرجال شبث بن ربعي اليربوعي ، وأعطى الراية ذويداً مولاه(10) .
أقوال أهل الخلاف فيه
قال ابن سعد :
عزرة بن قيس البجلي ، من أحمس من بني دهن من أنفسهم ، روى عن خالد بن الوليد ، وكان معه في مغازيه بالشام ، وروى أبو وائل عن عزرة بن قيس(11) .
وقال ابن حجر : وذكره ابن سعد في الطبقة الأولى(12) .
وذكره ابن حبّان في ثقاته ، قال : عزرة بن قيس البجلي ، يروي عن خالد بن الوليد ، روى عنه أبو وائل شقيق ابن سلمة(13) .
وقال الذهبي : عزرة بن قيس ، من قدماء التابعين بالكوفة ، روى عنه أبو وائل وحده(14) .
وقال محمّد بن عليّ بن حمزة :
عزرة بن قيس البجلي عن خالد بن الوليد ، وكان معه في مغازيه بالشام ، وعنه أبو وائل شقيق بن سلمة ، ذكره ابن حبّان في الثقات(15) .
الزبير بن الأروح
من الموالين والناصحين لبني اُميّة ، وهو ممّن أخذ رأسي مسلم (عليه السلام) وهانئ (قدّس سرّه) إلى يزيد .
روى ابن عساكر وغيره من المؤرِّخين ، واللفظ له ، قال :
قرأت على أبي الوفاء حفاظ بن الحسن الغساني ، عن عبد العزيز بن أحمد ، أخبرنا هارون الميداني ، أخبرنا أبو سليمان بن زبر ، أخبرنا عبد الله بن أحمد بن جعفر الفرغاني ، أخبرنا محمّد بن جرير الطبري ، قال : حدث عن هشام بن محمّد الكلبي قال ، قال أبو مخنف : عن أبي جناب يحيى بن أبي حيّة الكلبي ، قال : ثمّ إنّ عبيد الله بن زياد لمَّا قتل مسلماً وهانئاً ، بعث برؤوسهما مع هانئ بن أبي حيّة الوادعي والزبير بن الأروح التميمي إلى يزيد بن معاوية ، وأمر كاتبه عمرو بن نافع أنْ يكتب إلى يزيد بن معاوية بما كان من أمر مسلم وهانئ ، فكتب الكاتب كتاباً أطال فيه ، وكان أوَّل مَن أطال في الكتب ، فلمَّا نظر فيه عبيد الله بن زياد تكرَّهه وقال : ما هذا التطويل وهذه الفضول ؟ اُكتب :
أمَّا بعد ، فالحمد لله الذي أخذ لأمير المؤمنين بحقِّه ، وكفاه مؤنة عدوِّه ، أخبر أمير المؤمنين ـ أكرمه الله ـ أنّ مسلم بن عقيل لجأ إلى دار هانئ بن عروة المرادي ، وإنّي جعلت عليهما العيون ، ودسست إليهما الرجال ، وكدتهما حتّى استخرجتهما وأمكن الله منهما ، فقدَّمتهما فضربت أعناقهما .
وقد بعثت إليك برؤوسهما مع هانئ بن أبي حيّة الهمداني والزبير بن الأروح التميمي ، وهما من أهل السمع والطاعة والنصيحة ، فليسألهما أمير المؤمنين عمَّا أحبَّ من أمر ؛ فإنّ عندهما علماً وصدقاً وورعاً ، والسلام .
وكتب إليه يزيد بن معاوية :
أمَّا بعد ، فإنّك لن تعدوَ أنْ كنت كما أحبُّ ، عملت عمل الخادم ، وصلت صولة الشجاع الرابط الجأش ، وقد أغنيت وكفيت وصدقت ظنِّي بك ورأيي فيك ، وقد دعوت رسوليك فسألتهما وناجيتهما ، فوجدتهما في رأيهما وفضلهما كما ذكرت ، فاستوصِ بهما خيراً .
وإنّه قد بلغني أنّ الحسين (عليه السلام) قد توجَّه نحو العراق ، فضع المناظر والمسالح ، واحترس واحبس على الظنَّة ، وخذ على التهمة غير أنْ لا تقتل إلاّ مَن قاتلك (16) ، واُكتب إليَّ فيما يحدث من الخبر ، والسلام عليك ورحمة الله (17) .
أقوال أهل الخلاف فيه
وهو عندهم من التابعين . قال ابن عساكر : الزبير بن الأروح التميمي ، عراقي من التابعين(18) .
شبث بن ربعي
وقِيل : شيث بن ربعي ، من الخوارج وممّن كتب إلى الإمام الحسين (عليه السلام) وممّن كذبه ، وقاتله وهو من أنصار بني اُميّة ، وممّن شهد على حجر بن عدي مع أصحابه (رضوان الله عليهم) حتّى قتلهم معاوية (19) .
تكذيبه الإمام الحسين (عليه السلام)
روى الطبري وابن كثير وابن الأثير ، واللفظ للأوّل ، قال :
وكتب شبث بن ربعي وحجّار بن أبجر ، ويزيد بن الحارث ويزيد بن رويم وعزرة بن قيس وعمرو بن الحجّاج الزبيدي ، ومحمّد بن عمير التميمي : أمَّا بعد فقد اخضرَّ الجناب وأينعت الثمار وطمت الجمام ، فإذا شئت فاقدم على جند لك مجنَّد ، والسلام عليك . . . إلخ(20) .
وروى الطبري وابن الأثير ، وابن كثير والقندوزي واللفظ للأول ، قال :
ثمّ قال لهم الحسين (عليه السلام) : (( فإنْ كنتم في شكّ من هذا القول ، أفتشكون أثراً ما أنّي ابن بنت نبيّكم ؟ فو الله ، ما بين المشرق والمغرب ابن بنت نبيّ غيري منكم ولا من غيركم ، أنا ابن بنت نبيّكم خاصّة .
أخبروني : أتطلبوني بقتيل منكم قتلته ؟ أو مال لكم استهلكته ؟ أو بقصاص من جراحة ؟ )) .
قال : فأخذوا لا يكلِّمونه .
قال ، (عليه السلام) فنادى (عليه السلام) : (( يا شبث بن ربعي ويا حجّار بن أبجر ، ويا قيس بن الأشعث ويا يزيد بن الحارث ، ألمْ تكتبوا إليَّ أنْ قد أينعت الثمار ، واخضرَّ الجناب وطمت الجمام ، وإنّما تقدّم على جند لك مجند فأَقْبِلْ ؟ )) . قالوا له : لمْ نفعل .
فقال (عليه السلام) : (( سبحان الله ! بلى والله ، لقد فعلتم ))(21) .
وقد ذكره ابن سعد في قتلة الإمام الحسين (عليه السلام)(22) . وذكر أيضاً : أنّه قائد ميمنة جيش ابن سعد في قتال الإمام الحسين (عليه السلام) .
وقال العجلي فيه :
شبث بن ربعي من تميم ، هو كان أوَّل من أعان على قتل عثمان (رضي الله عنه) ، وهو أوَّل من حرّر الحَروريّة ، وأعان على قتل الحسين بن عليّ (عليهما السلام)(23) .
وروى الطبري والدينوري ، وابن كثير واللفظ للأول ، قال :
وجعل عمر على ميمنته عمرو بن الحجّاج الزبيدي ، وعلى ميسرته شمر بن ذي الجوشن بن شرحبيل بن الأعور بن عمر بن معاوية ، وهو الضباب بن كلاب وعلى الخيل عزرة بن قيس الأحمسي ، وعلى الرجال شبث بن ربعي اليربوعي ، وأعطى الراية ذويداً مولاه(24) .
ممّن أراد أنْ يحز الرأس الشريف (عليه السلام) .
قال القندوزي :
قال أبو مخنف : وبقي الحسين (عليه السلام) ثلاث ساعات من النهار ملطَّخاً بدمه رامقاً بطرفه إلى السماء ، وينادي : (( يا إلهي ، صبراً على قضائك ، ولا معبود سواك يا غياث المستغيثين ! )) . فتبادر إليه أربعون فارساً يريدون حزَّ رأسه الشريف المكرَّم المبارك المقدَّس المنوَّر، ويقول عمر بن سعد : ويلكم ! عجِّلوا بقتله . فدنا منه شبث بن ربعي ، فرمقه الحسين (ض) بعينه ، فرمى السيف من يده وولَّى هارباً ، ويقول : معاذ الله أنْ ألقى الله بدمك يا حسين (عليه السلام) . . . (25) .
أقوال أهل الخلاف فيه
ومع هذا فقد قبل رواياته جمع من فطاحل علماء أهل الخلاف ، ووثَّقوه .
فقد ذكره ابن حبّان في الثقات ، فقال :
شبث بن ربعي من بني يربوع بن حنظلة التميمي ، يروي عن عليّ (عليه السلام) وحذيفة .
روى عنه محمّد بن كعب القرظي، يخطئ، وحديثه مستقيم(26) .
وقال فيه الرازي : شبث بن ربعي روى عن عليّ (عليه السلام) وحذيفة ، روى عنه محمّد بن كعب وسليمان التيمي ، سمعت أبي يقول ذلك ، وسألته عنه فقال : حديثه مستقيم لا أعلم به بأساً ، والذي روى أنس عنه يقال : ليس هو هذا(27) .
وقال فيه الذهبي :
شبث بن ربعي التميمي اليربوعي ، أحد الأشراف والفرسان . كان ممّن خرج على عليّ (عليه السلام) ، وأنكر عليه التحكيم ثمّ تاب وأناب . وحدَّث عن عليّ (عليه السلام) وحذيفة ، وعنه محمّد بن كعب القرظي وسليمان التيمي ، له حديث واحد في سنن أبي داود . قال الأعمش : شهدت جنازة شبث ، فأقاموا العبيد على حدة والجواري على حدة ، والجمال على حدة ، وذكر الأصناف . قال : ورأيتهم ينوحون عليه ويلتدمون . قلت : كان سيّد تميم هو والأحنف(28) .
وقال عنه أيضاً :
شبث بن ربعي التميمي ، عن عليّ (عليه السلام) وحذيفة ، وعنه محمّد بن كعب وسليمان التيمي ، خرج ثمّ تاب . وكان شريفاً له من كلّ المال(29) .
وقد ردَّ الذهبي على من ضعَّفه بأنه ممّن تاب وأناب ، قال : شبث بن ربعي ، عن عليّ (عليه السلام) مرفوعاً في التسبيح والتكبير . ذكره البخاري في الضعفاء وقال : روى عنه محمّد بن كعب . لا يصحّ ، ولا نعلمه سمع من شبث .
وقال الأزدي : هو أوَّل مَن حرّر الحَروريّة ، فيه نظر . قلت : لكنّه فارق الخوارج وتاب وأناب . قال سليمان التيمي ، عن أنس (رضي الله عنه) ، قال شبث : أنا أوَّل من حرّر الحَروريّة (30) .
محمّد بن الأشعث
ممّن غدر بهانئ بن عروة (قدّس سرّه) . وخرج إلى قتال مسلم بن عقيل وآمنه . ومَن سلب مسلم بن عقيل (عليه السلام) سيفه ودرعه . وفي رواية : أنّه ضرب مسلماً على شفته بالسيف . وخرج بألف فارس لقتال سبط رسول الله (صلّى الله عليه وآله) الإمام الحسين بن عليّ (عليهما السلام) ، . . .
تقدَّم ذلك في ترجمة عزرة بن قيس الأحمسي وغيره ، وراجع تفصيل ذلك في كتابنا المقتل .
أقوال أهل الخلاف فيه
وهذا حال محمّد بن الأشعث ، ومع ذلك قبله أهل الخلاف ، ورووا عنه في صحاحهم وسننهم ، ووثَّقوه ، ولعلّ ذلك لكون أبي بكر خاله .
فقد ذكره ابن حبّان في مشاهير علماء الأمصار ، وقال :
محمّد بن الأشعث بن قيس الكندي أبو القاسم ، واُمُّه أخت أبي بكر الصديق ، قُتل سنة سبع وستّين(31) .
وقال الذهبي : قلت : وكان ابنه محمّد بن الأشعث بعده من كبار الأمراء وأشرافهم ، وهو والد الأمير عبد الرحمن بن محمّد بن الأشعث الذي خرج معه الناس ، وعمل مع الحجّاج تلك الحروب المشهورة التي لمْ يسمع بمثلها ، بحيث يُقال : إنّه عمل معه أحداً وثمانين مصافاً ، معظمها على الحجّاج ، ثمّ في الآخر خذل ابن الأشعث وانهزم ، ثمّ ظفروا به وهلك(32) .
وقال أيضاً عنه : محمّد بن الأشعث بن قيس الكندي ابن أخت الصديق ، سمع ابن مسعود وطائفة ، وعنه مجاهد وجماعة ، قُتل 67هـ (33) .
وقال عنه الألباني في خبر وقع ابن الأشعث في سنده 2 / 313 : إسناده جيِّد ، رجاله ثقات رجال مسلم ، غير محمّد بن الأشعث . وقد وثّقه ابن حبّان ، وروى عنه جماعة وهو تابعي كبير(34) .
وقال صاحب الموسوعة : محمّد بن الأشعث من الطبقة الثانية ، ووهم من ذكره في الصحابة ، أخرج له أبو داوود والنسائي(35) .
أقول : وأكثر ما قِيل فيه عند فرد أو فردين من أهل الخلاف : إنّه مجهول .
كثير بن شهاب
من أنصار بني اُميّة ، ومن النواصب المتجاهرين بسبِّ ولعن أمير المؤمنين (عليه السلام) على المنابر ، وممّن خذَّل الناس عن نصرة الإمام الحسين (عليه السلام) ، وممّن كذبه وقاتله .
راجع تفصيل ذلك في كتاب المقتل .
وروى البلاذري ، قال :
وحدَّثني العبّاس بن هشام الكلبي ، عن أبيه ، عن عوانة قال : كان كثير بن شهاب بن الحصين بن ذي الغصة الحارثي عثمانيّاً يقع في عليّ بن أبي طالب (عليه السلام) ، ويثبِّط الناس عن الحسين (عليه السلام) . ومات قُبيل خروج المختار بن أبي عبيد ، أو في أوَّل أيّامه . وله يقول المختار بن أبي عبيد في سجعه : أمَا وربِّ السحاب ، شديد العقاب ، سريع الحساب ، منزل الكتاب ، لأنبشنَّ قبر كثير بن شهاب ، المفتري الكذاب .
وكان معاوية ولاّه الريّ ودستبى حيناً من قبله ومن قبل زياد والمغيرة بن شعبة عامليه ، ثمّ غضب عليه فحبسه بدمشق ، وضربه حتّى شخص شريح بن هانئ المرادي إليه في أمره فخلَّصه .
وكان يزيد بن معاوية قد حمد مشايعته وأتباعه لهواه ، فكتب إلى عبيد الله بن زياد في توليته : ماسبذان ومهر جانقذف ، وحلوان والماهين وأقطعه ضياعاً بالجبل ، فبني قصره المعروف بقصر كثير ، وهو من عمل الدينور . وكان زهرة بن الحارث بن منصور بن قيس بن كثير بن شهاب اتّخذ بماسبذان ضياعاً (36) .
وقال الطبري :
ودعا عبيد الله كثير بن شهاب بن الحصين الحارثي ، فأمره أنْ يخرج فيمَن أطاعه من مذحج ، فيسير بالكوفة ويخذِّل الناس عن ابن عقيل ، ويخوِّفهم الحرب ، ويحذِّرهم عقوبة السلطان ، وأمر محمّد بن الأشعث أنْ يخرج فيمَن أطاعه من كندة وحضرموت ، فيرفع راية أمان لمَن جاءه من الناس . وقال مثل ذلك للقعقاع بن شور الذهلي وشبث بن ربعي التميمي ، وحجّار بن أبجر العجلي وشمر بن ذي الجوشن العامري ، وحبس سائر وجوه الناس عنده استيحاشاً إليهم ؛ لقلَّة عدد مَن معه من الناس ، وخرج كثير بن شهاب يخذِّل الناس عن ابن عقيل(37).
موقف أهل الخلاف منه وأقوالهم فيه
قال عنه العجلي : كثير بن شهاب كوفي تابعي ثقة(38) .
وذكره ابن حبّان في الثقات(39) .
وقال ابن حجر العسقلاني :
كثير بن شهاب بن الحصين بن يزيد بن قنان بن سلمة بن وهب بن عبد الله بن ربيعة بن الحارث بن كعب ، أبو عبد الرحمن المازني ، نزيل الكوفة . ويُقال : إنّه الذي قتل الجالينوس يوم القادسيّة .
قال ابن عساكر : يُقال إنّ له صحبة . وقال ابن سعد : قتل جدُّه الحصين في الردَّة ، فقتل ابنه شهاب قاتل أبيه ، وساد كثير بن شهاب مذحج . ورُوى عن عمر ، قال ابن عبد البرّ : في صحبته نظر . وقال ابن الكلبي : كان كثير بن شهاب موصوفاً بالبخل الشديد ، وقد رأس حتّى كان سيّد مذحج بالكوفة ، وولي لمعاوية الريّ وغيرها.
وقال المرزباني في ترجمة عبد الله بن الحجّاج بن محصن : كان شاعراً فاتكاً ممّن شرب ، فضربه كثير بن شهاب وهو على الري في الخمر ، فجاء ليلاً فضربه على وجهه ضربة أثّرت فيه ، وذلك بالكوفة . وهرب فطلبه عبد الملك بن مروان ، فقال في ذلك شعراً وآمنه عبد الملك بعد ذلك .
وقال العجلي : كوفي تابعي ثقة . وقال البخاري : سمع عمر لمْ يزد . وقال ابن أبي حاتم عن أبيه : تابعي . وقال أبو زرعة : كان ممّن فتح قزوين .
وأخرج ابن عساكر من طريق جرير ، عن حمزة الزيّات قال : كتب عمر إلى كثير بن شهاب : مرْ من قبلك فليأكلوا الخبز الفطير بالجبن ؛ فإنّه أبقى في البطن .
قلت : ومما يقوِّي أن له صحبة ما تقدَّم أنهم ما كانوا يُؤمِّرون إلا الصحابة، وكتاب عمر إليه بهذا يدلُّ على أنه كان أميراً ، وروينا في الجعديات للبغوي عن عليّ بن الجعد، عن شعبة ، عن أبي إسحاق : سمعت قرظة بن أرطاة يحدِّث عن كثير بن شهاب : سألت عمر عن الجبن فقال : إنّ الجبن يصنع من اللبن واللبأ ، فكلوا واذكروا اسم الله، ولا يغرَّنَّكم أعداؤه(40) .
نوفل بن مساحق من بني عامر بن لؤي
من أنصار بني اُميّة، ومن قتلة الإمام الحسين (عليه السلام) ، وممّن خرج بخمسة آلاف رجل لقتال المختار . . . وممّن شارك في واقعة الحرّة .
ذكره ابن سعد في قتلة الحسين (عليه السلام)(41) .
موقف أهل الخلاف منه وأقوالهم فيه
قال الذهبي فيه :
نوفل بن مساحق القرشي ، عن عمر وسعيد بن زيد ، وعنه ابنه عبد الملك وصالح بن كيسان ، ثقة ، ولي قضاء المدينة (42) .
وقال ابن عساكر :
نوفل بن مساحق بن عبد الله بن مخرمة بن عبد العزى بن أبي قيس بن عبد ودّ بن نصر بن مالك بن حسل بن عامر بن لؤي ، أبو سعيد ، ويُقال : أبو مساحق ، القرشيّ العامريّ . كان من أشراف قريش من أهل المدينة(43) .
وذكره ابن حبّان في كتاب مشاهير علماء الأمصار(44) .
وهو من قتل معقل بن سنان لانتقاصه يزيد بن معاوية .
وأيضاً صحّح روايته الحاكم في مستدركه(45) .
وقال المزيّ :
وذكر محمد بن إسحاق : أنّ نوفل بن مساحق هو الذي قتل معقل بن سنان ، ومحمّد بن أبي جهم بن حذيفة العدوي يومئذ جميعاً صبراً ، وقال فيه بعض الشعراء :
ألا تلكم الأنصار تبكي سراتها وأشجع تبكي معقل بن سنان (46)
وقال فيه ابن حجر في تقريب التهذيب :
نوفل بن مساحق بن عبد الله بن مخرمة القرشيّ العامريّ المدنيّ القاضي ، ثقة من الثالثة ، مات بعد السبعين(47) .
وقال أيضاً في تهذيب التهذيب :
ذكره ابن سعد في الطبقة الثانية من المدنيّين ، وقال : ولي القضاء بالمدينة ، وقال النسائي : ثقة . وذكره ابن حبّان في الثقات(48) .
وقال فيه ابن حجر في تقريب التهذيب وتحريره ، واللفظ للأوّل : نوفل بن مساحق بن عبد الله بن مخرمة القرشي العامري المدني القاضي : ثقة من الثالثة ، مات بعد السبعين(49) .
ووثَّقه الهيثمي ، حيث قال :
وعن سعيد بن زيد ، عن النبيّ (صلّى الله عليه وآله) أنّه قال : (( مَن أربى الربا الاستطالة في عرض المسلم بغير حقِّ ، وإنّ هذه الرحم شجنة من الرحمن عزَّ وجلَّ ، فمَن قطعها حرَّم الله عليه الجنّة )) . رواه أحمد والبزار ، ورجال أحمد رجال الصحيح غير نوفل بن مساحق ، وهو ثقة(50) .
حجّار بن أبجر
ممن كتب إلى الإمام الحسين (عليه السلام) يطلب منه المجيء ، وبعد ذلك خرج عليه (عليه السلام) وكذّبه .
ذكره ابن سعد في قتلة الحسين (عليه السلام)(51) .
وقد تقدَّم في ترجمة شبث بن ربعي ما رواه الطبري وابن كثير ، وابن الأثير واللفظ للأوّل ، قال :
وكتب شبث بن ربعي وحجّار بن أبجر ، ويزيد بن الحارث ويزيد بن رويم ، وعزرة بن قيس وعمرو بن الحجّاج الزبيدي ، ومحمّد بن عمير التميمي : أمَّا بعد ، فقد اخضرَّ الجناب وأينعت الثمار وطمت الجمام ، فإذا شئت فاقدم على جند لك مجنَّد ، والسلام عليك . . .(52) .
وروى الطبري وابن الأثير ، وابن كثير والقندوزي ، واللفظ للأوّل ، قال :
ثمّ قال لهم الحسين(عليه السلام) : (( فإنْ كنتم في شكّ من هذا القول ، أفتشكّون أثراً ما أنّي ابن بنت نبيّكم ؟! فو الله ، ما بين المشرق والمغرب ابن بنت نبيّ غيري منكم ولا من غيركم ، أنا ابن بنت نبيّكم خاصّة .
أخبروني : أتطلبوني بقتيل منكم قتلته ؟! أو مال لكم استهلكته ؟! أو بقصاص من جراحة ؟! )) .
قال : فأخذوا لا يكلِّمونه .
قال ، فنادى (عليه السلام) : (( يا شبث بن ربعي ويا حجّار بن أبجر ، ويا قيس بن الأشعث ويا يزيد بن الحارث ، ألمْ تكتبوا إليَّ أنْ قد أينعت الثمار واخضرّ الجناب وطمت الجمام ، وإنّما تقدم على جند لك مجنَّد فأَقْبِلْ ؟! )) .
قالوا له : لمْ نفعل . فقال (عليه السلام) : (( سبحان الله ! بلى ، والله لقد فعلتم ))(53) .
أقوال أهل الخلاف فيه
ما قاله محدِّث الشام ابن عساكر :
أخبرنا أبو البركات الأنماطي ، وأبو العزّ الكيلي قالا : أنبأنا أبو طاهر الباقلاني ـ زاد الأنماطي : وأبو الفضل العدل ـ قال : أنبأنا أبو الحسن الأصبهاني ، أنبأنا أبو الحسين الأهوازي ، أنبأنا أبو حفص الأهوازي ، نبأنا خليفة بن خياط ، قال : في الطبقة الأولى من تابعي أهل الكوفة : حجّار بن أبجر بن جابر بن بجير بن عايذ بن شريط بن عمير بن مالك بن ربيعة بن زاهم . . . إلخ(54) .
ما قاله ابن سعد :
حجّار بن أبجر بن جابر بن بجير بن عائذ بن شريط بن عمرو بن مالك بن ربيعة من عجل . وكان شريفاً ، روى عن عليّ(ع)(55) .
ما قاله البخاري :
حجّار بن أبجر البكري ، سمع عليّ (عليّه السلام) ومعاوية ، روى عنه سماك . قال وكيع : العجلي يُعدُّ في الكوفيّين(56) .
ما قاله الرازي :
مَن رُوي عنه العلم ممّن اسمه : حجّار ـ حجّار بن أبجر البكري كوفي ـ روى عن عليّ (عليه السلام) ومعاوية ، روى عنه سماك بن حرب ، سمعت أبي يقول ذلك(57) .
ما قاله ابن ماكولا : أبو سيّد ، حجّار بن أبجر العجلي ، كنَّاه المدائني ، يروي عن عليّ بن أبي طالب(ع) ومعاوية بن أبي سفيان ، روى عنه سماك بن حرب(58) .
وذكره أيضاً بعد تعداده أبناء بجير ، فقال : منهم حجّار بن أبجر بن بجير بن عائذ ، كان شريفاً(59) .
فهذا حاله بلا خلاف ، وهو شريف عند أهل الخلاف ، وممّن روى العلم ومن الطبقة الأولى ومن التابعين .
القعقاع بن شور
من أنصار بني اُميّة ، وممّن قاتل مسلم بن عقيل (عليه السلام) وأعان عليه .
روى الطبري قال :
قال أبو مخنف : فحدَّثني أبو جناب الكلبي : أنّ كثيراً ألفى رجلاً من كلب ـ يُقال له : عبد الأعلى بن يزيد ـ قد لبس سلاحه يُريد ابن عقيل في بني فتيان ، فأخذه حتّى أدخله على ابن زياد فأخبره خبره ، فقال لابن زياد : إنّما أردتك . قال : وكنت وعدتني ذلك من نفسك . فأمر به فحُبس .
وخرج محمّد بن الأشعث حتّى وقف عند دور بني عمارة ، وجاءه عمارة بن صلخب الأزدي ، وهو يريد ابن عقيل عليه سلاحه ، فأخذه فبعث به إلى ابن زياد ، فحبسه . فبعث ابن عقيل إلى محمّد بن الأشعث من المسجد عبد الرحمن بن شريح الشبامي ، فلمَّا رأى محمّد بن الأشعث كثرة مَن أتاه أخذ يتنحَّى ويتأخَّر ، وأرسل القعقاع بن شور الذهلي إلى محمّد الأشعث : قد حلّت على ابن عقيل من العرار فتأخَّر عن موقفه . فأقبل حتّى دخل على ابن زياد من قبل دار الروميّين .
فلمَّا اجتمع عند عبيد الله كثير بن شهاب ومحمّد والقعقاع فيمن أطاعهم من قومهم ، قال له كثير ـ وكانوا مناصحين لابن زياد ـ : أصلح الله الأمير! معك في القصر ناس كثير من أشراف الناس ، ومن شرطك وأهل بيتك ومواليك ، فاخرج بنا إليهم . فأبى عبيد الله ، وعقد لشبث بن ربعي لواء فأخرجه . وأقام الناس مع ابن عقيل يكبِّرون ويثوبون حتّى المساء وأمرهم شديد ، فبعث عبيد الله إلى الأشراف فجمعهم إليه ، ثمّ قال : أشرفوا على الناس فمنُّوا أهل الطاعة الزيادة والكرامة ، وخوّفوا أهل المعصية الحرمان والعقوبة ، وأعلموهم وصول الجنود من الشام إليهم(60) .
أقوال أهل الخلاف في القعقاع
قال خيرالدين الزركلي : قعقاع بن شور الذهلي من بني بكر بن وائل ، تابعي من الأجواد . كان في عصر معاوية بن أبي سفيان ، يُضرب به المثل في حسن المجاورة ، قِيل : كان يجعل لمَن جالسه نصيباً من ماله ويعينه على عدوِّه ، ويشفع له في حوائجه ، ثمّ يغدو إليه بعد المجالسة شاكراً . وفيه يقول الشاعر :
وكنت جليسَ قعقاعِ بنِ شورٍ ولا يشقى بقعـقاعٍ جليسُ (61)
وقال ابن ماكولا : والقعقاع بن شور السدوسي تابعي ، وعبد الملك بن نافع ابن أخي القعقاع بن شور . روى عن ابن عمر حديثاً في تحليل الشراب ، روى عنه إسماعيل بن أبي خالد والعوام بن حوشب(62) .
وقال ابن أبي حاتم الرازي :
قعقاع بن شور ، روى عن . . . أخبرنا عبد الرحمن ، قال : سألت أبي عنه ، وقلت: إنّ البخاري (*) أدخل اسمه فيمَن يسمَّى القعقاع . فقال : لا يُعلم للقعقاع بن شور(63) رواية ، والذي يُحدِّث يقال له : عبد الملك بن أخي القعقاع بن شور(64) .
وردَّ ابن حجر العسقلاني على من ضعَّف حديثه فقط، وأثنى عليه حيث قال: قعقاع بن شور، قال أبو حاتم : ضعيف الحديث ، انتهى . والمعروف بالتحديث عبد الملك بن أخي القعقاع بن شور(65) ، والقعقاع من كبار الأمراء في دولة بني اُميّة ، وفيه يقول الشاعر :
وكنـت جليـس قعقـاعِ بنِ شـورٍ ولا يشقـــى لقعـقـاعٍ جليـسُ(66)
الحصين بن نمير
من أتباع بني اُميّة ، وهو مَن ضرب الإمام الحسين (عليه السلام) في فمه ، وممّن شارك في قتله (عليه السلام) ، وممّن استباحوا المدينة حتّى قتلوا المسلمين فيها وافتضوا الأبكار ، وممّن حرقوا الكعبة ورموها بالمنجنيق ، وهو قاتل سليمان بن ُصرد الخزاعي(67) .
مِن الموالين لبني اُميّة
ذكره محدِّث الشام ابن عساكر فقال :
حصين بن نمير بن نائل بن لبيد بن جعثنة بن الحارث بن سلمة بن شكامة بن شبيب بن السكون بن أشرس بن كندة ، وهو ثور بن عفير بن عدي بن الحارث ، أبو عبد الرحمن الكندي ثمّ السكوني ، من أهل حمص . روى عن بلال(68) ، روى عنه ابنه يزيد بن حصين . وكان بدمشق حين عزم معاوية على الخروج إلى صفين وخرج معه ، وولي الصائفة ليزيد بن معاوية .
وكان أميراً على جند حمص . وكان في الجيش الذي وجَّهه يزيد إلى أهل المدينة من دمشق لقتال أهل الحرّة ، واستخلفه مسلم بن عقبة ـ المعروف بمسرف ـ على الجيش وقاتل ابن الزبير . وكان بالجابية حين عقدت لمروان بن الحكم الخلافة(69).
خروجه لقتال الحسين (عليه السلام)
قال الدينوري :
فكتب عمر بن سعد إلى ابن زياد بذلك فغضب، فخرج بجميع أصحابه إلى النخيلة، ثمّ وجَّه الحصين بن نمير وحجّار بن أبجر، وشبث بن ربعي وشمر بن ذي الجوشن، ليعاونوا عمر بن سعد على أمره؛ فأمَّا شمر فنفّذ لمَا وجَّهه له؛ وأمَّا شبث فاعتلَّ بمرض، فقال له ابن زياد: أتتمارض ؟ إنْ كنت في طاعتنا فاخرج إلى قتال عدوِّنا، فلمَّا سمع شبث ذلك خرج، ووجَّه أيضاً الحارث بن يزيد بن رويم(70) .
ضربه الإمام الحسين (عليه السلام) بالسهم في فيه
قال الدينوري :
وبقي الحسين (عليه السلام) ملياً جالساً ، ولو شاؤوا أن يقتلوه قتلوه ، غير أنّ كلَّ قبيلة كانت تتّكل على غيرها وتكره الإقدام على قتله . وعطش الحسين (عليه السلام) ، فدعا بقدح من ماء ، فلمَّا وضعه في فيه رماه الحصين بن نمير بسهم فدخل فمه ، وحال بينه وبين شرب الماء ، فوضع القدح من يده(71) .
ممّن حملوا الرؤوس
قال الدينوري :
وبعث عمر بن سعد برأس الحسين (عليه السلام) من ساعته إلى عبيد الله بن زياد مع خولي بن يزيد الأصبحي ، وأقام عمر بن سعد بكربلاء بعد مقتل الحسين (عليه السلام) يومين ، ثمّ أذن في الناس بالرحيل ، وحملت الرؤوس على أطراف الرماح ، وكانت اثنين وسبعين رأساً ، جاءت هوازن منها : باثنين وعشرين رأساً ، وجاءت تميم : بسبعة عشر رأساً مع الحصين بن نمير ، وجاءت كندة : بثلاثة عشر رأساً مع قيس ابن الأشعث ، وجاءت بنو أسد : بستة رؤوس مع هلال الأعور ، وجاءت الأزد : بخمس رؤوس مع عيهمة بن زهير ، وجاءت ثقيف : باثني عشر رأساً مع الوليد بن عمرو(72) .
أقوال أهل الخلاف فيه
ذكره ابن حبّان في الثقات ، فقال : حصين بن نمير يروي عن بلال ، روى عنه ابنه يزيد بن حصين(73) .
مالك بن النسير
من النواصب المعادين للإمام الحسين (عليه السلام) ، وممّن أقرَّ بإمامة يزيد بن معاوية ، ومن رُسُل ابن زياد ، وممّن ضرب رأس الإمام الحسين (عليه السلام) وسلب درعه (عليه السلام) .
قال الطبري :
قال : فلمّا أصبح نزل فصلَّى الغداة ، ثمّ عجَّل الركوب ، فأخذ يتياسر بأصحابه يُريد أنْ يفرِّقهم ، فيأتيه الحرّ بن يزيد فيردُّهم فيردُّه ، فجعل إذا ردَّهم إلى الكوفة رداً شديداً امتنعوا عليه فارتفعوا ، فلمْ يزالوا يتسايرون حتّى انتهوا إلى نينوى المكان الذي نزل به الحسين (عليه السلام) .
قال : فإذا راكب على نجيب له وعليه السلاح متنكب قوساً ، مقبل من الكوفة ، فوقفوا جميعاً ينتظرونه ، فلمّا انتهى إليهم سلَّم على الحرّ بن يزيد وأصحابه ، ولمْ يسلَّم على الحسين (عليه السلام) وأصحابه ، فدفع إلى الحرّ كتاباً من عبيد الله بن زياد ، فإذا فيه : أمَّا بعد ، فجعجع بالحسين (عليه السلام) حين يبلغك كتابي ويقدم عليك رسولي ، فلا تنزله إلاّ بالعراء في غير حصن وعلى غير ماء ، وقد أمرت رسولي أنْ يلزمك ولا يفارقك ، حتّى يأتيني بإنفاذك أمري ، والسلام .
قال : فلمَّا قرأ الكتاب قال لهم الحرّ : هذا كتاب الأمير عبيد الله بن زياد يأمرني فيه أنْ أجعجع بكم في المكان الذي يأتيني فيه كتابه ØŒ وهذا رسوله ØŒ وقد أمره أنْ لا يفارقني حتّى أنفذ رأيه وأمره ØŒ فنظر إلى رسولِ عبيد الله يزيدُ بن زياد بن المهاصر(74) أبو الشعثاء الكندي ثمّ البهدلي ØŒ فعنَّ له ØŒ فقال : أمالك بن النسير البديّ ØŸ قال : نعم - وكان أحد كندة - فقال له يزيد بن زياد : ثكلتك أُمُّك ØŒ ماذا جئت فيه ØŸ قال : وما جئت فيه ØŸ‍ أطعت إمامي ووفيت ببيعتي ØŒ فقال له أبو الشعثاء : عصيت ربَّك ØŒ وأطعت إمامك في هلاك نفسك ØŒ كسبت العار والنار . قال الله عز وجل : {وَجَعَلْنَاهُمْ أَئِمَّةً يَدْعُونَ إِلَى النَّارِ وَيَوْمَ الْقِيَامَةِ لَا يُنْصَرُونَ} [القصص : 41]. فهو إمامك(75) .
ضربه رأس الحسين (عليه السلام) . . . وسلبه
قال الطبري :
قال : وإنّ رجلاً من كندة ـ يُقال له : مالك بن النسير من بني بداء - أتاه فضربه على رأسه بالسيف ، وعليه برنس له فقطع البرنس وأصاب السيف رأسه فأدمى رأسه ، فامتلأ البرنس دماً ، فقال له الحسين(عليه السلام) : (( لا أكلت بها ولا شربت ، وحشرك الله مع الظالمين ! )) .
قال : فألقى ذلك البرنس ، ثمّ دعا بقلنسوة فلبسها واعتمَّ ، وقد أعيى وبلد ، وجاء الكندي حتّى أخذ البرنس وكان من خز ، فلمَّا قدم به بعد ذلك على امرأته ، أُمِّ عبد الله ابنة الحرّ أخت حسين بن الحرّ البدي ، أقبل يغسل البرنس من الدم ، فقالت له امرأته : أسلب ابن بنت رسول الله (صلّى الله عليه وآله) تدخل بيتي ؟ أخرجه عنِّي . فذكر أصحابه أنّه لمْ يزل فقيراً بشرٍّ حتّى مات(76) .
عمر بن سعد بن أبي وقاص
هو من أخبره أمير المؤمنين (عليه السلام) بقتله الإمام الحسين (عليه السلام) ، وكان الناس يقولون فيه إنّه قاتل الحسين (عليه السلام) قبل قتله (عليه السلام) ، وهو من خرج بجيشه لقتاله (عليه السلام) ، ومن أمر جنوده بمنعه (عليه السلام) عن الماء بأمر عبيد الله عليه لعائن الله ، وأوّل مـن بدأ بقتاله (عليه السلام) ، وهو من أمر بذبحه (عليه السلام) ، ومن أمر جنوده برضِّ صدره (عليه السلام) وظهره بحوافر الخيل ، وممّن ساقوا حرمه (عليه السلام) إلى الكوفة و . . . و . . .
راجع ذلك في كتاب المقتل .
وهو لا يختلف اثنان في أنّه قائد الجيش الذي قتل الإمام الحسين (عليه السلام) .
ابن سعد (لعنه الله) ينتدب عشرة فرسان لرضِّ جسد الحسين (عليه السلام) بحوافر خيولهم
روى الطبري والشبراوي واللفظ للأوّل ، قال :
قال : ثمّ إنّ عمر بن سعد نادى في أصحابه : مَن ينتدب للحسين (عليه السلام) ، ويوطئه فرسه ؟ فانتدب عشرة ، منهم : إسحاق بن حيوة الحضرمي ـ وهو الذي سلب قميص الحسين (عليه السلام) فبرص بعدُ ـ وأحبش بن مرثد بن علقمة بن سلامة الحضرمي ، فأتوا فداسوا الحسين (عليه السلام) بخيولهم حتّى رضُّوا ظهره وصدره ، فبلغني أنّ أحبش بن مرثد بعد ذلك بزمان أتاه سهم غرب ، وهو واقف في قتال ، ففلق قلبه فمات(77) .
مواقف وأقوال أهل الخلاف فيه
أقول : فهذا اللعين ابن سعد وأعماله ، ومع هذا لمْ يقدح فيه أهل الخلاف وليتهم سكتوا عنه ، إلاّ أنّ بعضهم وثَّقه واعتبره صدوقاً ، وقد اعتذروا له بأنّه قائد الجيش الذي ذبح الحسين (عليه السلام) ، وسبى نساءه وسحق أطفاله ، وقتل أولاده وإخوته وأصحابه فليس هو القاتل ، وإنّما هو القائد !
وهؤلاء حسابهم عسير يوم القيامة ، إذ لا جواب لهم ولا عذر في نصرتهم أعداء الله ورسوله (صلّى الله عليه وآله) وأهل بيته (عليهم السلام) .
فإليك ما قاله أهل الخلاف في هذا الخبيث :
قال فيه العجلي :
عمر بن سعد بن أبي وقاص ، مدني ثقة . كان يروي عن أبيه أحاديث ، وروى الناس عنه ، وهو الذي قتل الحسين (عليه السلام) . قلت : كان أمير الجيش ولمْ يباشر قتله !(78) .
وقال فيه ابن حجر :
عمر بن سعد بن أبي وقاص المدني ، نزيل الكوفة ، صدوق ، ولكن مقته الناس لكونه كان أميراً على الجيش الذين قتلوا الحسين بن عليّ (عليهما السلام) ، من الثانية ، قتله المختار سنة خمس وستّين أو بعدها ، ووهم من ذكره في الصحابة ، فقد جزم ابن معين بأنّّه ولد يوم مات عمر بن الخطاب(79) .
وروى محدِّث الشام ابن عساكر :
أخبرنا أبو البركات الأنماطي ، وأبو عبد الله البلخي ، قالا : أخبرنا أبو الحسين بن الطيوري وثابت بن بندار ، قالا : أخبرنا الحسين بن جعفر ـ زاد ابن الطيوري : وابن عمِّه محمّد بن الحسن ـ قالا : أخبرنا الوليد بن بكر ، أخبرنا عليّ بن أحمد بن زكريا ، أخبرنا صالح بن أحمد ، حدَّثني أبي ، قال : عمر بن سعد بن أبي وقاص كان يروي عن أبيه أحاديث ، وروى الناس عنه ، وهو الذي قتل الحسين (عليه السلام) .
وقال في موضع آخر : عمر بن سعد بن مالك تابعي ثقة ، وهو الذي قتل الحسين(ع)(80) .
وقال أيضاً :
أخبرنا أبو البركات الأنماطي ، أخبرنا أحمد بن الحسن ، أخبرنا يوسف بن رباح ، أخبرنا أبو بكر المهندس ، أخبرنا أبو بشر الدولابي ، حدَّثنا معاوية بن صالح ، قال : سمعت يحيى بن معين يقول ـ في تسمية تابعي أهل المدينة ومحدِّثيهم ـ : عمر بن سعد بن أبي وقاص ، ثمّ ذكره في أهل الكوفة ، وقال : قتله المختار(81) .
وقال أيضاً :
وأخبرنا أبو عبد الله البلخي ، أخبرنا ثابت بن بندار ، قالا : أخبرنا الوليد ، أخبرنا عليّ بن أحمد ، أخبرنا صالح بن أحمد ، حدَّثني أبي ، قال : عمر بن سعد بن أبي وقاص كوفي تابعي ، وهو الذي قتل الحسين (عليه السلام)(82) .
وقال فيه الذهبي :
عمر بن سعد بن أبي وقاص الزهري : هو في نفسه غير متّهم(83) ، لكنّه باشر قتال الحسين (عليه السلام) وفعل الأفاعيل .
روى شعبة ، عن أبي إسحاق ، عن العيزار بن حريث ، عن عمر بن سعد ، فقام إليه رجل فقال : أمَا تخاف الله ؟! تروي عن عمر بن سعد ؟! فبكى وقال : لا أعود .
وقال العجلي : روى عنه الناس ØŒ تابعي ثقة . وقال أحمد بن زهير : سألت ابن معين أعمر بن سعد ثقة ØŸ! فقال : كيف يكون من قتل الحسين (عليه السلام) ثقة ØŸ!‍
قال خليفة : قتله المختار سنة خمس وستّين(84) .
وذكره الذهبي في كتابه : مَن له رواية في كتب الستّة ، فقال :
عمر بن سعد بن أبي وقاص ، عن أبيه ، وعنه ابنه إبراهيم وقتادة والزهري ولمْ يلحقاه ، حطَّ عليه ابن معين لقتاله الحسين (عليه السلام) ، وقد قتله المختار سنة 66 / هـ (85) .
عمرو بن الحجّاج بن سلمة بن عبد يغوث الزبيدي
ممّن شهد على حجر بن عدي ، وغدر بهانئ بن عروة ، وخرج على الإمام الحسين (عليه السلام) . وكان رئيساً على خمسمئة فارس ليمنعه (عليه السلام) ومن معه عن الماء ، وممّن حرَّض على قتاله (عليه السلام) .
شهادته على حجر بن عدي حتّى قتله معاوية
وتفصيل ذلك في تاريخ الطبري(86) .
الغدر بهانئ بن عروة رضوان الله عليه
روى الطبري ، قال :
وقال غير أبي جعفر : الذي جاء بهانئ بن عروة إلى عبيد الله بن زياد عمرو بن الحجّاج الزبيدي(87) .
ورى الطبري أيضاً ، قال :
فقال ابن زياد لجلسائه : مالي لا أرى هانئاً ؟ فقالوا : هو شاكٍٍ . فقال : لو علمت بمرضه ، لعدته .
قال أبو مخنف : فحدَّثني المجالد بن سعيد ، قال : دعا عبيد الله محمّد بن الأشعث ، وأسماء بن خارجة . قال أبو مخنف : حدَّثني الحسن بن عقبة المرادي أنّه بعث معهما عمرو بن الحجّاج الزبيدي(88) .
أقول : أمَّا مجيئه مع مذحج وهو رئيسهم ، فهو مجرَّد تمويه على مذحج ، ويشهد لذلك أنّه بمجرَّد إخبارهم بأن هانئاً سالم قال : الحمد لله ، وذهب .
وهو من خواص ابن زياد وجلسائه ؛ ولهذا كان على ميمنة الجيش الذي قاتل الإمام الحسين (عليه السلام) .
وروى الطبري ØŒ قال : حدثنا عمر بن عليّ ØŒ قال : حدثنا أبو قتيبة ØŒ قال : حدثنا يونس بن أبي إسحاق ØŒ عن العيزار بن حريث ØŒ قال : حدَّثنا عمارة بن عقبة بن أبي معيط ØŒ فجلس في مجلس ابن زياد فحدَّث ØŒ قال : طردت اليوم حمراً فأصبت منها حماراً فعقرته . فقال له عمرو بن الحجّاج الزبيدي : إنّ حماراً تعقره أنت لحمار حائن(89) . فقال : ألاَ أخبرك بأحين من هذا كلّه ØŸ رجل جيء بأبيه كافراً إلى رسول الله (صلّى الله عليه وآله) ØŒ فأمر به أنْ يُضرب عنقه . فقال : يا محمّد‍ فمَن للصبيّة ØŸ قال (ص) : (( النار ØŒ فأنت من الصبية وأنت في النار )) . قال : فضحك ابن زياد(90) .
تعدّيه على الإمام الحسين (عليه السلام) وتحريضه على قتاله ، وإقراره بإمامة يزيد .
روى الطبري ، قال :
قال أبو مخنف : حدَّثني الحسين بن عقبة المرادي ، قال الزبيدي : إنّه سمع عمرو بن الحجّاج حين دنا من أصحاب الحسين (عليه السلام) ، يقول : يا أهل الكوفة ، الزموا طاعتكم وجماعتكم ، ولا ترتابوا في قتل مَن مرق من الدين وخالف الإمام . فقال له الحسين (عليه السلام) : (( يا عمرو بن الحجّاج ، أعليَّ تحرض الناس ؟! أنحن مرقنا وأنتم ثبتم عليه ؟! أمَا والله ، لتعلمنَّ لو قد قبضت أرواحكم ، وُمتّم على أعمالكم أيُّنا مرق من الدين ، ومَن هو أولى بصلّي النار ))(91) .
أقول : وبهذا وبقول الطبري ـ : وبلغ عمرو بن الحجّاج أنّ هانئاً قد قُتل فأقبل في مذحج حتّى أحاط بالقصر ومعه جمع عظيم ، ثمّ نادى : أنا عمرو بن الحجّاج ، هذه فرسان مذحج ووجوهها لمْ تخلع طاعةً ، ولمْ تُفارق جماعةً . . .(92) ـ يعرف أن عمرو بن الحجّاج من أهل الخلاف ، ومن الموالين لبني اُميّة ، وكيف لا يكون من مواليهم وهو من رؤساء قتلة الحسين (عليه السلام) ؟!
قال الدينوري :
وهرب عمرو بن الحجّاج ـ أي : من المختار ـ وكان من رؤساء قتلة الحسين (عليه السلام) ، يريد البصرة ، فخاف الشماتة فعدل إلى سراف (93) .
ولهذا ذكر مدحه ابن حجر فقال :
عمرو بن الحجّاج الزبيدي ، ذكره وثيمة في كتاب الردَّة ؛ وقال : كان مسلماً في عهد النبيّ (صلّى الله عليه وآله) ، وله مقام محمود حين أرادت زبيد الردَّة إذ دعاهم عمرو بن معد يكرب إليها فنهاهم عمرو بن الحجّاج ، وحثَّهم على التمسُّك بالإسلام ، وقد مضى ذلك في ترجمة عمرو بن العجيل الزبيدي واستدركه ابن الدباغ وابن فتحون(94) .
أسماء بن خارجة
ممّن سعى في قتل أصحاب أمير المؤمنين (عليه السلام) ، ومَن جاء بهانئ بن عروة (رضوان الله عليه) إلى ابن زياد حتّى هشم بالسيف وجهه ، وممّن خرج لقتال الإمام الحسين (عليه السلام) .
راجع ذلك في كتاب المقتل .
وجوده مع عمر بن سعد في كربلاء
قال ابن حجر :
قلت : قرأت بخط الذهبي : مات ـ أي : الحسن بن الحسن بن عليّ (عليهم السلام) ـ سنة 97 هـ . والذي في صحيح البخاري في الجنائز قال : لمَّا مات الحسن بن الحسن بن عليّ (عليهم السلام) ضربت امرأته القبَّة على قبره ... الحديث . وقد وصله المحاملي في أماليه من طريق جرير عن مغيرة ، وقال الجعابي : وحضر مع عمِّه كربلاء ، فحماه أسماء بن خارجة الفزاري ؛ لأنّه ابن عمِّ اُمِّه ، وذكره ابن حبّان في الثقات(95) .
من قتلة الحسين (عليه السلام) الذين طلبهم المختار
قال الدينوري :
وهرب أسماء بن خارجة الفزاري ، وكان شيخ أهل الكوفة وسيّدهم ، من المختار خوفاً على نفسه ، فنزل على ماء لبني أسد ، يسمَّى : ذروة ، في نفر من مواليه وأهل بيته فأقام به(96) .
وقال البلاذري تحت عنوان : مقتل عمر بن سعد ، ومَن شرك في دم الإمام الحسين (عليه السلام) :
وكان أسماء بن خارجة مستخفياً ، فقال المختار ذات يوم وعنده أصحابه : أمَا وربِّ الأرض والسماء ، والضياء والظلماء لينزلن من السماء نار دهماء أو حمراء أو سحماء ، فلتحرقن دار أسماء . فأتى الخبر أسماء ، فقال : سجع أبو إسحاق بنا ، ليس على هذا مقام ، فخرج هارباً حتّى أتى البادية ، فلمْ يزل بها ينزّل مرّة في بني عبس ، ومرّة في غيرهم حتّى قُتل المختار ، وهدم المختار له ثلاثة آدر(97) .
Ù